مقالات

تطورات الموقف في الحرب الروسية الأوكرانية

بقلم /دكتور سَــــيد غُنــــيم

في الوقت الذي تهاجم فيه القوات الروسية مدينة خاركيڤ على المحور التعبوي الشمالي وتتبادل ضربات الدرونز مع القوات الأوكرانية على مختلف الإتجاهات، نجد القوات الأوكرانية تحقق نجاحات محدودة وإن كانت ملحوظة تجاه باخموت على الإتجاه التعبوي الشرقي في دونيتسك، كما نجد أن قواتها قد توغلت أيضاً بشكل أكبر داخل مدينة روبوتين التي يؤمنها الموقعين الدفاعيين الأول والثاني، وعلى وشك استعادتها بالكامل.
مدينة روبوتين لها أهمية تكتيكية لأنها تسهل الوصول إلى مدينة “توكماك” التي يؤمنها قوات الموقعين الدفاعيين الثالث والرابع، وهي تقع على مسافة 29 كم من روبوتين. وتمثل روبوتين قلب العمق التكتيكي الروسي، ولذا الإستيلاء عليها يمكن القوات الأوكرانية من عبور حقول الألغام الروسية الأكثر كثافة على الإطلاق. وتمثل توكماك نهاية العمق التكتيكي/ التعبوي للدفاعات الرئيسية الروسية على الإتجاه التعبوي الجنوبي الشرقي في زابورودچيا.
إذن، حالة تحقيق الأمرين وهما، فتح ثغرات في الموانع المتتالية خاصةً حقول الألغام الاكثر كثافة في الدفاعات الروسية حول روبوتين واتمام الاختراقات والوصول للعمق التكتيكي/ التعبوي للدفاعات الرئيسية الروسية في زابورودچيا، سيؤدي بالتأكيد لخلخلة سيطرة القوات المدافعة على مواقعها الدفاعية المتتالية والتي بذلت جهدًا كبيرًا وموارد وأفرادًا بحجم ضخم للاحتفاظ بها خاصة حول مدينة روبوتين، ومن ثم خفض الروح المعنوية وإنهاك القوات المدافعة على مواجهة أكبر، الأمر الذي قد يفقد القوات الروسية ليس روبوتين فقط، ولكن توكماك وميليتوبول أيضاً، بل وتسهيل الوصول لبرظيانسك وماريوبول في زابورودچيا، وهو الهدف الرئيسي الحالي لأوكرانيا.
قد يبدو أن إصرار القوات الروسية على تركيز ضرباتها على خاركيڤ رغم ما تعانيه شرقاً وجنوباً خطأ، إلا أنه اضطراري لأن خاركيڤ مدينة حدودية مع الأراضي الروسية الأصلية وقد تكون منفذًا لامتداد الهجمات الأوكرانية البرية داخلها، وهو أمر شديد الخطورة، يورط القيادة العامة الروسية في مأزق شديد أمام القوات وأمام عامة الشعب، أو يضطر القيادة الروسية لاستخدام دمار شامل في وقت مبكر للغاية.
ولذا أرى أن على القوات الروسية نقل تركيز جهودها بالقوات والوسائل من دونباس خاصة دونيتسك إلى زابورودچيا ولو على حساب باخموت بهدف صد وتدمير القوات الأوكرانية واستعادة الأوضاع الدفاعية إلى ما كانت عليه بأي ثمن، وعرقلة الإمدادات الغربية التي وصلت حديثاً عبر بولندا بأي شكل. ففقدان باخموت لا يساوي أبداً انهيار الدفاعات في زابورودچيا، ووصول الدعم سيساهم في احتفاظ القوات الأوكرانية بالقوة الدافعة للهجوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى