مقالات
من أروع الوصايا ..وصية عمر بن الخطاب (رض) إلى سعد بن أبي وقاص وجنده
د.صالح العطو أن الحيالي
تعتبر وصية عمر بن الخطاب لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما من روائع الوصايا المتعلقة باخلاقيات الحرب وقيم اليسر والسماحة والالتزام بالمباديء الإسلامية واستحضارها سلما وحربا .فكانت الوصية تعتبر دستور وكتبت بنودها بماء الذهب وتسجل الوصايا فخر وعز .ففيها عمق الفكر الحربي والسلام الداخلي الذي كان يتمتع بها المسلمون .فهي واحدة من أروع الوصايا التي وجهها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى قائد جيوشه المتوجهه إلى العراق لمنازلة الفرس فكانت هذه الوصايا شاملة جامعة تشمل كيفية التعامل مع العدو والتعامل مع الجند والتعامل مع الأرض ومع السكان المحليين …فكتب إليه ..”أما بعد فإني أمرك ومن معك من الاجناد بتقوى الله على كل حال ، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو ، وأقوى المكيدة في الحرب ، وامرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسا من المعاصي من عدوكم ،فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم ، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله ، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عودتنا كعدتهم، فإذا استوينا في المعصية ، كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا، فاعلموا ان عليكم في سير كم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون ، فاستحيوا منهم ، ولا تعملوا بمعاصي الله وانتم في سبيل الله ، ولا تقولوا ان عدونا شر منا ، فلن يسلط علينا ، غرب قوم سلط عليهم شر منهم ، كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمساخط الله كفار المجوس ، فجاسوا خلال الديار ، وكان وعد الله مفعولا ، واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسالونه النصر على عدوكم ، اسال الله تعالى لنا ولكم …. وترفق بالمسلمين في مسيرهم ، ولا تجشمهم مسيرا يتعبهم ، ولا تقصر بهم عن منزل يرفق بهم ، حتى يبلغوا عدوهم ( والسفر لم ينقص قوتهم ) فانهم سائرون الى عدو مقيم ، حامي الانفس والكراع ، واقم ومن معك في كل جمعه يوما وليلة ، حتى تكون لهم راحة يحيون فيها انفسهم ويرمون اسلحتهم وامتعتهم ،ونح منازلهم عن قرى اهل الصلح والذمة ولا يدخلها من اصحابك الا من تثق بدينه ، ولا يرزا احدا من اهلها شيئا، فان لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها ، فما صبروا لكم فتولوهم خيرا ،ولا تستنصروا على اهل الحرب بظلم اهل الصلح ، واذا وطات ارض العو فاذك ( ارسل الطلائع ) , للعيونبينك وبينهم ،ولا يخف عليك امرهم ،وليكن عندك من العرب او من اهل الارض من تطمئن الى نصحه وصدقه ، فان الكذوب لا ينفعك خبره ، والغاش عين عليك وليس عينا لك ،وليكن منك عند دنوك من ارض العدو ان تكثر الطلائع وتبث السرايا بينك وبينهم ، فتقطع السرايا امدادهم ومرافقهم ،وتتبع الطلائع عوراتهم ، وتنق الطلائع اهل الرأي والباس من اصحابك ، وتخير لهم سوابق الخيل ، فان لقوا عدوا كان أول ما تلقاهم القوة من رأيك ،واجعل أمر السرايا إلى اهل الجهاد والصبر على الجلاد ، ولا تخص بها احدا بهوى فتضيع من رايك وامرك اكثر مما حاببت به اهل خاصتك ، ولا تبعثن طليعة ، ولا سرية في وجه تتخوف فيه غلبة او ضيعة او نكاية ، فاذا عاينت العدو ، فاضمم اقاصيك وطلائع وسراياك ، واجمع اليك مكيدتك وقوتك ، ثم لا تعاجلهم المناجزة ، مالم يستكرهك قتال ، حتى تبصر عورة عدوك ومقاتله ، وتعرف الأرض كلها كمعرفة اهلها ، فتصنع بعدوك كصنعه بك ،ثم اذك حراسك على عسكرك، وتيقظ من البيات جهدك ولا تأتي باسير ليس له عقد إلا ضربت عنقه ، لترهب به عدو الله وعدوك ، والله ولي أمرك ومن معك ، وولي النصر لكم على عدوكم والله المستعان …
المصادر
المغازي
تاريخ الطبري
البداية والنهاية