رويترز: غزة في 2024.. مؤشرات على المزيد من الدمار واستمرار الاحتلال
متابعة / محمد نجم الدين وهبى
مع الأيام الأخيرة للعام 2023، نشرت وكالة رويترز تقريرا، حول مستقبل الحرب في غزة، وطرفيها، في 2024.
وقالت رويترز في التقرير إن استمرار الحرب في غزة سيؤدي إلى تعريض الأراضي الفلسطينية لمزيد من الدمار واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجل غير مسمى.
وحاولت الوكالة الإخبارية عقد مقارنة حول هدف كل جانب ومدى إمكانية تحقق تلك الأهداف، وقالت: «يسعى نتنياهو إلى القضاء على حماس بسبب هجوم «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر تشرين الأول، وهو اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل، ويبدو أنه على استعداد لتسوية جزء كبير من قطاع غزة بالأرض والمخاطرة بإعادة فرض الاحتلال العسكري في الجيب الذي تركته إسرائيل في عام 2005».
بينما تناولت موقف رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة، يحيى السنوار، وقالت: «يأمل السنوار في مبادلة المحتجزين المتبقين، من إجمالي 240 رهينة احتجزتهم حماس والفصائل المتحالفة معها في هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول، بآلاف السجناء الفلسطينيين وإنهاء الحصار الإسرائيلي لغزة وإعادة طرح إقامة الدولة الفلسطينية مجددا».
لا مؤشرات على هزيمة حماس
وأكد التقرير «عدم وجود مؤشرات تذكر على قرب هزيمة حماس إذ تتواصل المعارك في أنحاء القطاع وما زال قادة الحركة طلقاء».
وعبر الجيش الإسرائيلي عن أسفه لمقتل مدنيين لكنه اتهم حماس بشن هجماتها انطلاقا من مناطق مكتظة بالسكان أو يستخدمون المدنيين دروعا بشرية، وهو ما تنفيه الحركة.
ماذا يعني ذلك لعام 2024؟
وحاولت الوكالة أن تستقرئ مستقبل الحرب في ظل تماسك حماس من جهة، وأيضا في ظل تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بأن الحرب ستستمر لعدة أشهر.
وجاء في التقرير «وحتى إذا انتهت الحرب في أوائل العام المقبل، فمن المرجح أن تبقي إسرائيل على احتلالها العسكري، مما سيثير استياء حلفائها بينما يعاني الفلسطينيون داخل عدد ضخم من الخيام المؤقتة التي نصبوها على حدود القطاع مع مصر».
وأشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لم يكشف بعد عن خطة للوضع في غزة فيما بعد الحرب لكن حكومته أبلغت عدة دول عربية بأنها تريد إقامة منطقة عازلة لمنع تكرار هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول «طوفان الأقصى».
وعقد التقرير مقارنة بين بعض المسارات المحتملة، وجاء في «لا يبدو أن إسرائيل ستقبل في وقت قريب بوجود أي سلطة فلسطينية تكون قادرة على تولي زمام الأمور وإحكام السيطرة على القطاع، كما أن حماس لن تتخلى عن سيطرتها بسهولة. ولا توجد كذلك رغبة لدى معظم الدول العربية في الانخراط في هذا الصراع. وهذا يعني استمرار الاحتلال الإسرائيلي والحصار وعدم البدء فعليا في عملية إعادة الإعمار.
ويواجه نتنياهو وإسرائيل مخاطر مع انتشار القوات في منطقة حرب حضرية خطيرة وتحول الرأي العام العالمي ضدهما».
ثم عرج التقرير إلى موقف يحيى السنوار بعد انتهاء الحرب، وقال: «إذا نجا السنوار بحياته من هذا الهجوم، فسيجد نفسه وسط قطاع قد عمه الدمار ودون قدرات عسكرية أو بالكاد ضعيفة وسكانه يعانون الجوع والتشرد».
وقال جوست آر. هلترمان مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية «لا أعتقد أن هناك رغبة كبيرة لدى أي شخص في تولي زمام الأمور في غزة واحتلالها بخلاف الإسرائيليين. لذا فإن الطريق الواقعي للمضي قدما، والذي لا أؤيده على الإطلاق، هو عودة الاحتلال الإسرائيلي».
وأضاف «من الصعب جدا التفكير في أن من الممكن لإسرائيل أن تنسحب من غزة».
احتلال طويل الأمد
واستعان التقرير بآراء محللين، أجمعوا على أن الرؤية الإسرائيلية لغزة فيما بعد الحرب حتى الآن هي محاكاة نموذج الضفة الغربية المحتلة من خلال وجود سلطة معينة لإدارة الشؤون المدنية بينما تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية.
والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، غير مقبولة بالنسبة لإسرائيل على الرغم من إصرار حليفتها الولايات المتحدة.
وقال سياسيان من المنطقة لرويترز إن إسرائيل تفضل بدلا من ذلك وجود سلطة متعددة الجنسيات تضم حلفاء عربا ومجلسا فلسطينيا وتكنوقراط.
وقال المحلل الفلسطيني غسان الخطيب «لا أعتقد أن إسرائيل ستترك غزة عسكريا. ستحتفظ بالمسؤولية الأمنية التي ستسمح لقواتها بالدخول والهجوم والمداهمة والاعتقال عندما تريد وكما تريد».
وأضاف «إنهم لا يريدون الانسحاب عسكريا من غزة لأن حماس ستعيد تنظيم صفوفها. ستكون مسألة وقت، سنة أو سنتين أو ثلاث وستعود الأمور إلى ما كانت عليه».
وقال نتنياهو إن إسرائيل ستحتفظ بشكل ما من أشكال السيطرة الأمنية على قطاع غزة بأكمله إلى أجل غير مسمى، رغم تشديده على أن ذلك لن يصل إلى حد إعادة احتلال القطاع.
ووصف الحرب بأنها اختبار وجودي لإسرائيل، وقال مرارا إن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قادة حماس وقدراتها العسكرية.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير في مؤتمر صحفي هذا الشهر إن إسرائيل لا تريد أن تسيطر حماس أو السلطة الفلسطينية على غزة بعد انتهاء القتال، كما أنها لن ترغب في أن تدير بنفسها حياة 2.2 مليون فلسطيني في غزة.
وقال المسؤول «على العكس من ذلك، نريد أن نرى إدارة محلية يرأسها فلسطينيون، قيادة قادرة على العمل من أجل مستقبل وأفق الشعب الفلسطيني بمساعدة الدول العربية المعتدلة والعالم أجمع».
وأضاف «قد يستغرق الأمر وقتا».
حملة فوضوية
وأشار التقرير إلى احتمال ارتقاء آلاف الشهداء الفلسطينيين حال تشبث إسرائيل بهدفها المعلن من الحرب والمتمثل في «القضاء على حماس».
ونوه إلى أن استمرار القتال سيؤدي إلى تدمير ما تبقى من غزة وتشريد المزيد من مئات الآلاف من سكان غزة، وربما نزوح جماعي إلى مصر على الرغم من اعتراضات القاهرة.
وإصرار إسرائيل على القضاء على حماس قد يخضع إلى إعادة تقييم أو تحول في استراتيجيتها. ويقول مصدران من المنطقة إن إسرائيل ربما تحاول على المدى الطويل شن غارات أكثر تركيزا على قادة حماس أو مقاتليها.
لكن القضاء على القادة البارزين لن يكون كافيا لكي تعلن إسرائيل القضاء على الحركة والنصر وانتهاء الحرب. وغالبية قادة حماس الآن هم بالفعل من أحفاد لقادة اغتالتهم إسرائيل في السابق.
وقال الخطيب «قتل القيادة لا يؤثر على حركة لها تسلسل هرمي تنظيمي وقاعدة شعبية كاملة. إذا قتلوا أحدهم، سيتولى آخر كما رأينا من قبل».
ويرى معظم المحللين أنه سيكون من المستحيل تقريبا القضاء على أيديولوجية حركة حماس التي أظهرت استطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة زيادة شعبيتها.
عدوى في المنطقة
ويبدو أن خطر اندلاع حرب إقليمية، كان من ضمن الاحتمالات التي أشار لها تقرير رويترز، فقد أدت الحرب الحالية إلى انتشار أوسع للقوات العسكرية الأميركية في المنطقة، والذي تضمن وجود حاملات الطائرات. «وكلما طال أمدها وزاد الدمار، زاد خطر التصعيد في المنطقة».
وعرج على الهجمات الحوثية في البحر الأحمر على السفن الإسرائيلية أو المتجهة لإسرائيل، وقد تعهد الجماعة توجيه هجمات على السفن الحربية الأميركية إذا تعرضت قواتها لهجوم من واشنطن التي شكلت قوة تحالف لمواجهة هجمات الحوثيين.
واعتبر التقرير أن الحدود اللبنانية الإسرائيلية هي «أخطر نقطة اشتعال»حيث تتبادل جماعة حزب الله اللبنانية وإسرائيل إطلاق الصواريخ والهجمات منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.
وقال المصدران من المنطقة إنه على الرغم من تركيز إسرائيل على الحرب في غزة، فإنها عازمة أيضا على إبعاد حزب الله عن حدودها الشمالية وإعادة عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى منازلهم التي أخلوها بسبب الصواريخ التي تطلقها الجماعة اللبنانية.