الاحتلال يستهدف أكبر مستشفى لا يزال يعمل في غزة
متابعة / محمد نجم الدين وهبى
يواصل الاحتلال فرض حصار خانق على القطاع الصحي بغزة، في إطار استهداف ممنهج، يزيد من معاناة الأهالي والنازحين، ويصبو إلى إجبارهم على التخلي عن أرضهم، في إطار مخطط لتهجير الفلسطينيين.
فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد قيام فصائل المقاومة الفلسطينية بتنفيذ عملية طوفان الأقصى، يقوم الاحتلال بقصف المستشفيات وفرض حصار عليها، وعدم السماح بإدخال المستلزمات الطبية والمساعدات التي يحتاجها أطباء غزة في مداواة المرضى والجرحى جراء القصف المستمر.
ويتعلل الاحتلال دوما بأن هناك أنفاقا لحركة حماس تحت المستشفيات والمدارس، ويتخذ من مزاعمه ذريعة لقصف هذه المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس التي تؤوي الكثير من النازحين، باعتبارها مناطق آمنة، في جريمة تكتب سطورها بدماء الأبرياء من الفلسطينيين العزل.
نفاد الأدوية وحصار محكم
وفي ضوء استمرار هذه الجرائم وحرب الإبادة الجماعية لليوم الـ113، أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، الدكتور أشرف القدرة، نفاد العديد من أدوية التخدير والعناية المركزة في مجمع ناصر الطبي، في خان يونس، جنوبي قطاع غزة.
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال فرض حصار خانق على المجمع، فضلا عن شن غارات جوية على محيطه.
وأشار المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة إلى بدء العد التنازلي لتوقف المولدات الكهربائية في مجمع ناصر، فضلا عن تعرض خزانات المياه الخاصة به للتلف نتيجة الشظايا ونيران مسيرات الاحتلال.
وأكدت وزارة الصحة في غزة أنه لا يزال هناك 30 شهيدا مجهولي الهوية في ثلاجة الموتى بمجمع ناصر الطبي، مشددة على أن الأهالي اضطروا لدفن 150 من الشهداء في ساحة المجمع نتيجة الحصار الذي يفرضه الاحتلال.
وطالب الهلالُ الأحمر الفلسطيني بتوفيرِ الحمايةِ الدولية لمقره وطواقمه والمرضى والنازحين في خان يونس جنوبي قطاع غزة. كما حذرت منظمةُ الصحة العالمية من انهيار آخر مستشفى عامل في مدينة خان يونس، في حين أكدت منظمةُ أطباء بلا حدود انعدامَ النظامِ الصحي بشكل عام في القطاع.
وقال، محمد حرارة الطبيب في مستشفى ناصر: «لدينا نقص كبير في الطاقم الطبي.. لدينا أقل من 10% من طاقم المستشفى الذين يعملون طوال فترة الحرب. وغالبية المصابين الذين يصلون إلى المستشفى هم من النازحين في المدارس والمناطق السكنية. المعدات الطبية في المستشفى تكاد تكون معدومة بالطبع».
وتابع قائلا: «أبسط الأشياء في المستشفى مثل المسكنات وأدوات التخدير غير متوفرة. نحن نبذل قصارى جهدنا للتعامل مع المرضى الذين يصلون ونحاول إبقائهم على قيد الحياة. نحن لا نحاول معاملتهم كما كنا نفعل من قبل، بل نحاول فقط إبقائهم على قيد الحياة».
مجمع ناصر الطبي
ويعد مجمع ناصر الطبي أكبر مستشفى لا يزال يعمل في القطاع، ومع ذلك فإن قوات الاحتلال تواصل استهدافه تارة بالقصف، وتارة بالحصار، مما دفع المرضى والنازحين إلى الفرار منه مرات عديدة، خوفا من القصف.
ويضم مجمع ناصر 150 كادرا طبيا وبه نحو 350 مريضا ومئات النازحين الذين يكافحون في ظروف كارثية جراء الاستهداف اليومي للمجمع، الذي يتعرض محيطه لقصف مدفعي شديد وللقصف من جانب مسيرات الاحتلال التي تطلق النار عليه بكثافة، وبشكل يومي.
مجمع ناصر الطبي الحكومي، وعُرف سابقًا باسم مستشفى ناصر، هو أحد مستشفيات وزارة الصحة الفلسطينية العاملة في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
ومجمع ناصر يعد من أكبر المستشفيات في قطاع غزة التي تقدم الرعاية الطبية لسكان مدينة خان يونس ورفح، لكن المستشفى نفسه تطوقه مستوطنة «نافيه ديكاليم» من جهتي الغرب والجنوب ليصبح مرضاه وزواره منذ سنوات في مرمى نيران جنود الاحتلال المتمركزين داخل المواقع العسكرية بمحيط تلك المستوطنة قبل 19 عامًا.
بدأ بناء مستشفى ناصر في خان يونس عام 1957 وافتُتح عام 1960 إبان فترة الإدارة المصرية لقطاع غزة على موقع ثكنات عسكرية بريطانية، تأسست عام 1940 لغايات الحجر الصحي وأمراض الحمى.
وسُمي المستشفى نسبة إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر.
وخلال حرب النكسة عام 1967، تحول المستشفى لعلاج الجنود الجرحى، ولاحقًا عاد لخدمة السكان المدنيين، وكان به 160 سريرًا.
وبين عامي 1972 وفبراير/شباط 1974، كان المستشفى مغلقًا للترميم ومضاعفة طاقته الاستيعابية من الأسرَّة من 112 سريرًا إلى 210 أسرَّة، يُضاف إليها 20 سريرًا لقسم العظام.
ورد في تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول الأوضاع الصحية للسكان العرب في المناطق المحتلة عام 1987، أن الاحتلال الإسرائيلي أغلق قسم العظام في المستشفى، ديسمبر/كانون الأول 1984، بدعوى تلوثه، ونقلت نشاطه إلى مستشفى الشفاء في غزة.
وفي عام 1994، أنشئ مبنى جديد سُمي مستشفى التحرير، وهو يتبع مجمع ناصر الطبي، ويتكون من 3 طوابق وخُصص للعلاج الطبيعي، والعيادات الخارجية، والاستقبال، والولادة والعمليات، والأطفال والحضانة.
في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أكدت وزارة الصحة بغزة أن الوضع الطبي في المجمع «كارثي»، نظرًا إلى عدم قدرته على استقبال حالات مرضية، وأن المرضى يتلقون العلاج على الأرضيات وفي الممرات.
وعاودت مشرحة المستشفى استقبال ضحايا القصف البري والجوي والبحري الإسرائيلي على القطاع، بعد أن انتهت في 1 ديسمبر/كانون الأول 2023 هدنة الأسبوع بين الاحتلال وحماس.
وفي 18 يناير/كانون الثاني 2024، قصفت القوات الإسرائيلية التي تقاتل للسيطرة على المدينة الرئيسة في جنوبي غزة، مناطق قريبة من أكبر مستشفى لا يزال يعمل في القطاع، ما دفع المرضى والسكان إلى الفرار من معركة يخشون أن تدمر المدينة.