رفح.. تاريخ من الصمود في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي
متابعة / محمد نجم الدين وهبى
تاريخ من النضال والصمود في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، سطرته مدينة رفح الفلسطينية غير آبهة لما تتعرض له من قصف وتدمير، لا يكاد يهدأ برهة حتى يعود من جديد بصورة أكثر ضراوة.
رفح مدينة فلسطينية عريقة، تضرب جزورها بعمق في التاريخ، يصل إلى 5 آلاف عام، وهي متاخمة للحدود المصرية، وتعد المنفذ لأهالي غزة لسائر البلاد، وتبلغ مساحتها بـ63 كيلومترا مربعا حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للعام 2017، ويبلغ عدد سكان محافظة رفح نحو 260 ألف نسمة حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2021.
في الأحداث الأخيرة وعقب عملية طوفان الأقصى برز اسم رفح بقوة في المشهد العالمي، حيث نزح إليها أكثر من مليون فلسطي، جميعهم يعيشون ظروفا إنسانية بالغة القسوة وسط قصف متواصل عليهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.
تبعد رفح الفلسطينية عن رفح المصرية حوالي 2 كيلو متر فقط، وكان يمر بها خط السكة الحديد الذي كان يصل بين مصر وحيفا وتم تدميره عام 1967 على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي.
بداية المأساة
تبدأ مأساة رفح مع بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في 1948، وربما ساهم قرب المدينة من مستوطنات غلاف غزة، والتي تبعد عن بعضها حوالي 12 كيلو مترا الأمر الذي جعلها محط نظر الاحتلال الإسرائيلي الذي وضع قواته على أهبة الاستعداد وجعلها منطقة مواجهات بصفة دائمة.
عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والهجوم النازي الذي شنه الاحتلال على قطاع غزة شماله ووسطه وجنوبه، نزح آلاف الفلسطينيين من كافة مناطق القطاع إلى رفح هربا من القتل والدمار الذي خلفه الاحتلال.
ولم يكن الهجوم الإسرائيلي الأخير هو الأول من نوعه في تاريح مدينة رفح الفلسطينية، فمع بداية الاحتلال الإسرائيلي في عام 1948، دارت معارك طاحنة بين عدد من الدول العربية وقوات الاحتلال على أرض رفح، وقد استطاع الجيش المصري في وقتها فرض سيطرته على المدينة وتم عقد اتفاق أصبحت رفح بموجبه تحت إدارة مصرية.
وبالتزامن مع العدوان الثلاثي على مصر والذي شنته فرنسا وبريطانيا وإسرائيل في عام 1956، تمكن الاحتلال من السيطرة على رفح، وارتكب بها مجزرة بشعة ثم عاودت مصر من جديد واستطاعت أن تستعيد المدينة من قوات الاحتلال وقامت فيها بأنشطة اقصتادية أدت إلى انتعاش القطاع، لكن في عام 1967، عادت إسرائيل لفرض سيطرتها على رفح، مع سيناء والجولان.
وفي عام 1979 وقعت مصر وإسرائيل معاهدة كامب ديفيد، وبموجبها قُسمت رفح إلى قسمين، أحدهما مصري والآخر فلسطيني، وحازت رفح الفلسطينية على ثلاثة أرباع مساحة المدينة الأصلية.
وعلى إثر معاهدات السلام الفلسطينية الإسرائيلية عام 1993 -اتفاق أوسلو-، سلمت المدينة للسلطة الفلسطينية، لكن الاحتلال عاد ونشر قواته في المدينة وأحكم سيطرته على المعابر إضافة إلى عمليات التنكيل والاعتقال والقتل المباشر لأهالي رفح وهدم بيوتهم.
الانتفاضة الفلسطينية الثانية
في الفترة ما بين 2000 و2005 بالتزامن مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية كثّف الاحتلال الإسرائيلي من سياسة القتل والاعتقال والاقتحامات والمداهمات وحصار المدينة وغلق المعابر ومنع سكان رفح من ممارسة حياتهم الطبيعية مما أدى لتردى الأوضاع الاقتصادية والصحية في المدينة.
ولم يكتف الاحتلال بذلك بل قام بعمليات تجريف للأراضي الزراعية والمشروعات التجارية في تعمد واضح من أجل جعل المدينة تقبع في حالة من الضيق الشديد، في المقابل قام بعمليات توسع استيطاني على حساب الأراضي الفلسطينية.
وفي عام 2005 انسحبت إسرائيل من كامل القطاع، بما فيه رفح، غير أنها فرضت حصارا خانقا على القطاع عام 2007، لم يستطع أهل غزة معه الحصول على احتياجاتهم الأساسية.