سياحه وآثارمقالات

توظيف الأثر بين الضوابط والتجاوز

بقلم دكتور محمد أبو الفتوح غنيم

تداول عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الفيديوهات والصور لحفل زفاف ابنة اعلامية شهيرة من داخل صحن مسجد محمد على بالقلعة.
تضمنت وصلة رقص على أنغام أغنية صباح الشهيرة “أمورتي الحلوة بقت طعمه”. وهو ما يثير التساؤل حول إشكالية توظيف أو استثمار المباني التراثية والضوابط الحاكمة لها، وخاصة في حالة المساجد، فلا مانع من توظيف الأثر، أو استثماره، شريطة ألا يوثر هذا على طبيعته وألا يقلل من قيمته وحرمته.
لا مانع من استثمار المبنى التراثية، أو إعادة إحياء المبنى التراثي وظيفياً، أو إعادة توظيفه، واستخدامه استخداماً يتكيف مع طابعه ومحيطه العمراني، لأن ذلك قد يكون من أهم أساليب الحفاظ عليه وإطالة عمره، وإعادة الحياة إليه أو إعادة الروح والحياة إلى جسده الساكن، شريطة:
– ألا يتسبب هذا التوظيف في احداث تغيير بالزيادة أو النقصان، أو احداث تشويه للأثر (فيزيائياً وكيميائياً أو مظهراً أو جوهراً) أو احداث تلف عضوي له أو لبعض أجزائه.
– ألّا يؤثر هذا الاستخدام الجديد تأثيراً سلبياً على القيمة الأثرية، والتاريخية،  و المعمارية للمبنى،
– أن يعمل على ضمان ديمومة واستمرار أدائه وعمره الوظيفي لأطول فترة ممكنة بالتوازي مع الحفاظ على عمره الفيزيائي أو مكوناته ومظهره الخارجي، فعادة ما تتطلب عملية التوظيف أو إعادة توظيفه، إجراء مجموعة من الإصلاحات، أو التغيرات والتدخلات غير الجوهرية، لا تتقبلها جميع المباني ولا يجب أن تتم في بعض المباني. ولعل هذا ما أشارت إليه المادة الخامسة من ميثاق فينسيا للترميم عام 1964م، التي تنص على أن:” استخدام المعلم التراثي أو الأثري في وظيفة تفيد المجتمع يساعد في عملية المحافظة عليه، شريطة ألّا يغيّر ذلك في توزيع الفراغات أو في شكل المبنى، وكل التطويرات بسبب الاستخدام يجب أن تبقى ضمن هذين الحدّين». ويقصد بـ «هذين الحدّين» وهما «توزيع الفراغات وشكل المبنى»، أي التكوين أو المكونات والمظهر الخارجي”.
– وفي نظري يجب ألا يؤثر هذا الاستخدام، أو هذا التوظيف، بصورة رئيسة على طبيعة الأثر وألا تشوه هذه الوظيفة أو تنال من هيبة الأثر، وحرمته، وجلال تاريخه، وأن يكون التدخل منوطاً باحترام عظمة الاثر وقيمته الأثرية.
وفي حالة المساجد الأثرية فمعلوم أن وظيفة المسجد الرئيسية تتمثل في كونه مكاناً للصلاة والذكر ، وإذا كانت هناك وظيفة يمكن ان يقوم بها المسجد خلاف هذه الوظيفة فلا يجب أن تؤثر على طبيعته وأو تقلل من قيمته أو تنال من حرمته وجلاله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى