مقالات

الشماع يكتب.. القدماء المصريين واكتشافهم لأمراض القلب

اليك عزيزي القارئ بعض المعلومات عن القلب في مصر القديمة و التي توضح كيف درسة و فحصه و رصدة بشكل مذهل:
١- القلب عند المصرى القديم كان يُطلق عليه أسماء منها:-
– “إب”.


و “إب” بالإنجليزية كانت تأتي بمعنى قلب – إرادة – رغبة.
وهنا ربط المصرى القديم بين القلب والإرادة. (نحن نقول الآن عبارة:”جمد قلبك”).
٢- كانت قوة وأهمية القلب عند المصري القديم أكثر من العقل.لقد اعتقد ان القرارات معظمها كان يأتي من القلب
و ليس العقل بحسب إعتقاد المصري القديم. كان القلب هو مِقعد الحكمة ومصدر الضمير ومخزن العدالة ومصدر الحق.
و من الطريف أن كلمة “إب” كانت تدخل في عبارات مُركبة أخرى فمثلاً :-
أ- عبارة “وبا – إب” بمعنى (قادر أو ذكي).
وهذا إثبات أن القلب عند المصرى القديم له علاقة بالقدرة والذكاء. إذن كان يعتقد أن الذكاء كان يأتي من القلب وليس مصدره من العقل.
وكلمة “وبا” عندما تأتى منفردة تكون بمعنى “سبح”،فإذا استخدمنا الكلمة منفصلة يكون معناها “سبح القلب” أي أن القلب يكون مفتوح.
ب- كلمة “واح – إب” بمعنى:”يكون صبوراً أو حليماً أو رحيماً”.
وهنا القلب له علاقة بالصبر والرحمة.
ج- عبارة
“حا (ى) ت – إب” بمعنى:”هم أو غم او حزن”.
وهنا أدخل المصري القديم القلب في المشاعر.
د- عبارة “ساو – إب” بمعنى “شرح صدره” ومعنى الجملة حرفياً “تمدد القلب”.
وكلمة “ساو – إب” أيضاً تعني:”سّرَ الكلمة مُشتقة من السرور”.وعلى صفة الطرافة أيضا ، فإن ضرب القلب بمعنى ضربات القلب، كان المصري القديم قد أطلق عليها بالهيروغليفي “دِب دِب”.
وتسمية المصريين القدماء صوت القلب دب قريب من الاسم الانجليزي Dub.
هل توصل الفراعنة إلى أصوات القلب ؟!
و ربما هذا يعنى ان المصري القديم كان قد تعرف على ضربات القلب ودرس هذه النبضات فى حالات السرعة وغيرها.
وكلمة “دب دب” قريبة جداً من مقطع أغنية تقول ( يا ناس أنا دوبت فى دباديبه لمصطفى قمر)، وهذا على الصفة الطريفة.و مثلا لدينا أيضا عبارة “دنس -إب” بمعنى يتعمد إخفاء الكلام. من الصفات التشريحية التى لها علاقة بالقلب فى علم الطب المصري القديم أن المعدة وكانت تسمى في مصر القديمة “إر – إب”.
ولكن الكلمة حرفياً تعني “فم القلب”.
وقد فسرت المؤرخ هذه الجملة بأن:
كل ما يدخل إلى المعدة فإنه يؤثر على القلب.
وهذا دليل من وجهة نظري أن المصري القديم ربما يكون قد عرف الضرر الموجود في المأكولات مثل الدهون الضارة التي تؤثر على القلب والشرايين.-يقول بروفسير “جون إف نن” في كتابه الرائع “الطب المصرى القديم” أن:
“المصريين القدماء لم يعانوا من أمراض قلبيه باستثناء بعض علامات تصلب الشرايين وتكلس الشرايين الكبرى”.
وقد أعتقد المصري القديم بأن القلب يتكلم من خلال الأوعية الطرفية التى تسمى بالهيروغليفية (ميتو)”.
وقد ترجمها “نن” بأنها الإحساس بالنبض، وقد تم ذُكر هذا بالتفصيل في “بردية إيبريس” فقرة رقم ٨٥٤ أ”
‏Ebers papyrus 854 A.
وهذا يوثق أن المصري القديم قد عرف النبض قبل العالم الطبيب “جالينوس” اليوناني. و لدينا في الكتابة المصرية القديمة توجد كلمة “أمد”amed”، وهذه كلمة تشرح بدقة “هبوط خطير في القلب مع غياب النبض”.
وتوجد كلمة “سوش” sewesh وتعنى مضغوط.
وفى البردية تعنى “إمتلاء القلب بالدم”، وهنا نجد وصف دقيق لتشريح القلب ورصد لأمراض.كلمة “روت” بمعنى “يرقص” وفي البردية بمعنى القلب يتحرك يساراً ، وهنا تم تفسيرها بأنه نوع معين من إضطراب نبض القلب.كلمة “نپا Nepa” بمعنى يرفرف ومعناها في البردية حركة القلب إلى أسفل
كلمة “وشر Wesher” بمعنى يجف،ومعناها في البردية تجلط الدم داخل القلب.كلمة “إو – إب” بمعنى الفرحة. وهذا يدل على أن القلب كان مكان المشاعر.
ولكن المعنى الحرفي للكلمة القلب الكبير،و نحن نقول: خلى قلب كبير-.
في “بردية إيبريس الفقرة ٢٠٧”
‏”Ebers papyrus”
تم ذكر الحالة الاتية:
“فإذا قُمت بفحص هذا الرجل فستجد قلبه يصدر ضوضاء ووجهه شاحباً وقلبه يدق عالياً بطريقة ملحوظة دب دب إذا قمت بفحصه ووجدت قلبه ساخناً وبطنه منتفخة فهذا يشير إلى وجود ورم عميق داخل البطن وربما يكون قد تناول لحماً مشوياً يجب عليك أن تركز إهتمامك وتعمل على إخراج هذا اللحم من معدته
وغسيلها (وهنا دليل موثق على أن المصري القديم قد عرف غسيل المعدة)، وعليك أن تعطيه مُسهلاً (بمعنى المُلين) لإخراج ما فى أمعائه عن طريق الفم …..”،ويستكمل النص ليقول “…. يجب عليك أن تستيقظ مبكراً لتفحص المريض وتراقب ماقد يكون خرج من شرجه (وهذا مايقرب من فكرة التحليل.هذه هى حالة تسمم غذائى.
ويوجد ألقاب كثيرة للأطباء فى مصر القديمة منها:
– “ور سونو” بمعنى السيد الطبيب
أو الطبيب الكبير أو الطبيب العظيم.
وهذا اللقب تم رصده لـ ٥٢ طبيب في مصر القديمة.و قد وصف “هيرودوت” ما حدث قبل الغزو الفارسي لـ بابل حين طلب “سيروس الثانى” الملك الفارسى الذي استولى على بابل سنة ٥٣٩ ق.م (أبنه “قمبيز” مؤسس الأسرة الفارسية الـ ٢٧ في مصر عام ٥٢٥ ق.م.، طلب “سيروس الثانى” من الملك “إيعاح مس الثانى” حاكم مصر آنذاك، أن يرسل له أكبر الأطباء المتخصصين في طب العيون.
ومن المشاكل الطبية التى تحدث للقلب:-
أ- “دپت” بمعنى فقد قوته. و نحن حديثاً نقول: ضعف فى القلب.
ب- “إجب” بمعنى أرتشح وحديثاً نقول إرتشاح القلب.
ج- “وجج” بمعنى ضعف أو وهن في القلب. الملك “بسمتيك الأول” من الأسرة الـ٢٦ أسمه الثانى “واح – إب – رع”.مما يثبت انه تم استخدام إسم القلب في أسماء الملوك في مصر القديمة.
القلب كان سوف يشهد على الإنسان في مصر القديمة كل الاحداث التى فعلها الإنسان في حياته سواء خير أو شر “ماعت أو إسفت” يتم تسجيلها فى القلب،في اعتقاد المصريين القدماء.
ولهذا يقول المصري القديم في نص موثق
“أرجوك يا قلبي لا تشهد ضدى .. فأنت الذي أعطته لي أمي “.
– والقلب هو الذي يقاس به مدى الخير والعدالة في الميزان في العالم الآخر لدى المصري القديم.وقد ابتكر المصرى القديم بعض التعاويذ لحماية القلب ومنها:
تعويذة للحيلولة دون وقـوف قلب الـ أوسير (أوزوريس) «آني» ضـده في الجـبـانة.
سيقول: «أيا قلبى الذي جاءني من أمي، أيا قلبي الذي جاءني من أمي، أيا قلبي المُرتبط بتـحـولاتي، أيهـا الشاهد، لاتناهضني. لا تعارضني أثناء مـحـاكـمـتي ، لا تعارضني في المحكمة، لا تظهر عداوتك ضدي في حضور المسئول عن الميزان ….».أما عن تميمة القلب فقد قام المصرى القديم بإبتكار تمائم للقلب ومنها تميمة هامة موجودة الآن بإسم “تميمة قلب مصرية في المتحف البريطاني”.وهذه التميمة مصنوعة من حجر الـ “Japser” وهو حجر كريم يسمى بالعربية الـ يشب
heart-amulet of Nakhtimn:
وهى عبارة عن تعويذة أو تميمة للقلب تتبع المدعو “نخت إمن” منقوش على القلب نص من فصل ٣٠ باء من نصوص الظهور في النهار المسمى خطأ بكتاب الموتى hieroglyphs from Chapter 30B
وظيفة صاحبة هي الكاتب الملكي و كاتب العطايا المقدسة،: Royal Scribe and Scribe of the Divine Offerings
و من دراسة شكل تميمة القلب المصري القديم يؤكد د.
جمال شعبان الطبيب الخبير بالقلب، أن المصري، إذن ، عرف تشريح للقلب،
وعرف ان البُطين الأيمن من الداخل يكون شكله هكذا
Trabeculated.
وذلك بالنظر إلى النقوش المنحوتة بعناية على تميمة القلب الحجرية من الخارج والشكل العام للتميمة المنحوتة على أساسه.
و من أهم أسس تكوين الحضارة هو أن أصحابها يكون لهم السبق فى ابتكار و اختراع و استحداث أدوات و أفكار عملية على ارض الواقع تفيد أفراد تلك الحضارة و ربما يتأثر بها من يقطنون خارج حدودها أيضا.

المؤرخ والمرشد السياحي بسام الشماع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى