مقالات

دور الأهل في اختيار كلية تلائم طموحات الأبناء

كتب : عمرو البهي

يجد العديد من الطلاب أنفسهم في مواجهة تحديات كبيرة عند اختيار الكلية المناسبة التي ستشكل ملامح مستقبلهم المهني والشخصي ، وللأهل دور هام في اختيار الكلية في عالم مليء بالخيارات الأكاديمية المتنوعة والتخصصات المتعددة، في هذه المرحلة الحاسمة، ويلعب الأهل دورًا جوهريًا في توجيه أبنائهم نحو الخيار الأمثل، إذ أن قرار اختيار الكلية لا يعتمد فقط على رغبات الطلاب الشخصية، بل يتأثر أيضًا بنصائح وإرشادات الأهل الذين يرون في أبنائهم امتدادًا لآمالهم وطموحاتهم ، من خلال تقديم الدعم المعنوي والإرشاد الحكيم، ويستطيع الأهل أن يكونوا مصدرًا للإلهام والطمأنينة، مما يساعد الأبناء على اتخاذ قرارات مدروسة ومبنية على فهم عميق لاحتياجاتهم وقدراتهم.

وفي الوقت ذاته، يجب أن يكون الأهل حذرين من فرض رؤيتهم الخاصة على أبنائهم، بل يجب أن يركزوا على تشجيعهم على اكتشاف ميولهم وشغفهم الخاص ، لتحقيق التوجيه السليم، من الضروري أن يبدأ الأهل بفهم عميق لاحتياجات ورغبات أبنائهم ،ومن هنا يأتي دور الحوار المفتوح والصريح، حيث يمكن للأهل أن يستمعوا إلى تطلعات أبنائهم، وأن يسألوا الأسئلة المناسبة التي تساعدهم على تحديد مجالات الاهتمام والشغف.غالبًا ما يقع الأهل في فخ إسقاط طموحاتهم الشخصية أو توقعاتهم على أبنائهم، مما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مناسبة أو غير مرضية للأبناء.

ويجب على الأهل أن يتركوا مجالًا لأبنائهم لاكتشاف ميولهم الخاصة، وأن يدعموهم في السعي لتحقيق أهدافهم الشخصية، حتى لو كانت تختلف عن تلك التي يتوقعها الأهل.

وتعتبر عملية البحث عن الكلية المناسبة ليست مهمة سهلة، بل تتطلب تعاونًا مشتركًا بين الأهل والأبناء من الضروري أن يستفيد الأهل من جميع الموارد المتاحة لهم، بدءًا من الإنترنت والمنتديات الأكاديمية إلى زيارات الكليات والاستشارات المهنية.

ويجب على الأهل أن يشجعوا أبناءهم على القيام ببحث مستفيض حول الكليات المتاحة، وأن يضعوا في اعتبارهم العوامل الأساسية مثل سمعة الكلية، وجودة البرامج الدراسية، وفرص التدريب والتوظيف بعد التخرج ، علاوة على ذلك، يمكن للأهل أن يشاركوا أبناءهم في مقارنة الكليات بناءً على معايير محددة، مثل الموقع الجغرافي، التكاليف المالية، وتوافر الأنشطة اللامنهجية.

وفي ظل الضغوط الأكاديمية الكبيرة التي يواجهها الطلاب، قد يشعر الأبناء بالتوتر والقلق بشأن درجاتهم وتأثيرها على قبولهم في الكلية التي يطمحون إليها، هنا يأتي دور الأهل في تقديم الدعم النفسي والعاطفي، والتأكيد على أن الدرجات ليست العامل الوحيد الذي يحدد مستقبل الأبناء ، ويمكن للأهل أن يساعدوا أبناءهم على تطوير نظرة أكثر شمولية للنجاح، تركز على المهارات الشخصية والخبرات العملية بجانب الأداء الأكاديمي، كذلك، يمكن للأهل أن يعلموا أبناءهم كيفية التعامل مع الفشل أو خيبة الأمل بشكل بنّاء، مما يعزز قدرتهم على مواجهة التحديات بثقة وإيجابية.

وأن مؤازرة الأبناء في إتخاذ القرار بعد جمع المعلومات وإجراء البحث المطلوب، يأتي الوقت الذي يجب فيه على الأبناء اتخاذ القرار النهائي بشأن الكلية التي سيختارونها في هذه المرحلة، يعتبر دعم الأهل حاسمًا ، ومن المهم أن يتخذ الأهل دور المستشار، وليس صاحب القرار، حيث يجب أن يتيحوا لأبنائهم الفرصة لتحليل الخيارات المتاحة واتخاذ القرار الذي يشعرون أنه الأنسب لهم بدلًا من الضغط على الأبناء لاختيار كلية معينة، يجب على الأهل مناقشة كل خيار مع أبنائهم، مع التركيز على الإيجابيات والسلبيات، وتشجيعهم على التفكير في أهدافهم الطويلة الأمد ، وأن هذه المرحلة تعد فرصة للأبناء لتعلم كيفية اتخاذ قرارات مستنيرة مبنية على معلومات دقيقة وتحليل موضوعي.

كما يجب على الأهل تقديم الدعم اللازم في حال لم يتمكن الأبناء من الالتحاق بالكلية التي كانوا يطمحون إليها بسبب الدرجات في مثل هذه الحالات، يمكن مناقشة الخيارات البديلة مثل الانتقال من كلية إلى أخرى بعد فترة معينة، أو استكشاف تخصصات مشابهة في كليات أخرى، والأهم هنا هو أن يشعر الأبناء بأن لديهم دعمًا قويًا مهما كانت النتيجة.

ومن أهم التحديات الكبيرة التي يواجهها الأهل هو تحقيق التوازن بين تقديم الدعم للأبناء ومنحهم الاستقلالية اللازمة لاتخاذ قراراتهم بأنفسهم في كثير من الأحيان، يميل الأهل إلى التدخل بشكل مفرط، مما قد يؤدي إلى شعور الأبناء بعدم الاستقلالية والاعتماد المفرط على توجيهات الأهل ، ولتجنب هذا الفخ، من الضروري أن يتعلم الأهل كيف يكونون داعمين دون أن يكونوا متحكمين، ويجب أن يكون الأهل متاحين لتقديم النصيحة عندما يطلبها الأبناء، ولكن يجب أيضًا أن يتيحوا لهم الفرصة لتجربة الأمور بأنفسهم وتحمل مسؤولية قراراتهم ، وأن هذا التوازن يساعد في بناء شخصيات قوية ومستقلة لدى الأبناء، ويعزز قدرتهم على مواجهة التحديات المستقبلية بثقة ، علاوة على ذلك، فإن هذا النهج يمكن أن يخفف من التوتر والصراع الذي قد ينشأ في العلاقة بين الأهل والأبناء خلال فترة اتخاذ القرارات المهمة .

وإن دور الأهل في اختيار الكلية المناسبة لأبنائهم يتجاوز مجرد تقديم النصيحة أو الدعم المالي، وإنه يتعلق ببناء مستقبل الأبناء من خلال تمكينهم من اتخاذ قرارات مدروسة ومستقلة عن الأهل الذين ينجحون في هذا الدور هم الذين يتمكنون من تحقيق التوازن بين تقديم الدعم والحرص على احترام استقلالية أبنائهم ، وأن هذه المرحلة من حياة الأبناء هي فرصة للأهل لتعزيز علاقتهم بهم، وبناء جسور من الثقة المتبادلة التي ستظل معهم طوال حياتهم ، وعندما ينجح الأهل في توجيه أبنائهم نحو الخيار الأمثل، ليس فقط بناءً على الدرجات أو التوقعات الاجتماعية، بل بناءً على احتياجاتهم ورغباتهم الشخصية، فإنهم يضعون حجر الأساس لمستقبل مليء بالنجاح والرضا.الاستثمار في هذا التوجيه وتقديم الدعم العاطفي والمعنوي للأبناء ، يمكن أن يؤدي إلى نتائج مدهشة، حيث لا يقتصر الأمر على تحقيق النجاح الأكاديمي فقط، بل يشمل أيضًا بناء شخصيات قوية قادرة على اتخاذ قرارات مهمة في الحياة بثقة وحكمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى