أخبار عالمية

صراع حول تشكيل الإدراك وصناعة الرأي العام خلال «معارك السرديات»

 

 

متابعة / محمد نجم الدين وهبى

 

في عالم اليوم.، لم تعد المعارك تُخاض فقط في ساحات القتال، بل امتدت لتشمل ميدانًا جديدًا، ميدان السرديات الإعلامية، حيث يتجلى الصراع على العقول والقلوب بحدة لا تقل عن حدة المواجهات العسكرية. 

وفي حرب غزة وجبهة لبنان، تُجيد إسرائيل توظيف الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كأدوات استراتيجية لتشكيل الإدراك العالمي والداخلي، في محاولة إعادة صياغة الحقائق وصناعة الرأي العام بما يتناسب مع مصالحها، مغلفةً قسوة الحرب بغطاء من التبريرات والروايات التي تهدف إلى كسب تعاطف دولي ودعم شعبي داخلي. 

وفي خضم هذا الصراع السردي، يصبح الإعلام ساحة معركة أخرى، حيث تتداخل الحقيقة مع التضليل، وتتحول الكلمات والصور إلى أسلحة فعالة في حرب لا تعرف الرحمة. 

حول هذا الموضوع، دارت نقاشات الجزء الثاني من حلقة اليوم الأربعاء، ببرنامج «مدار الغد»، الذي يعرض عبر شاشة «الغد»، وفيه قال الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، علاء إغبارية إن «إسرائيل على مدار عقود طويلة تقوم ببناء قصصها على السردية سواء كانت كاذبة أو حقيقية، إسرائيل مبنية على قصص كثيرة كاذبة، تاريخيا وعسكريا وسياسيا، وفي كل ما يتعلق بما يحدث الوقت الحالي».

 

عالم السردية 

وأضاف إغبارية، في تصريحات من حيفا، أن «لدى إسرائيل أدوات مقنعة في عالم السردية، وقد أسست مكتبا ووزارة خاصة لكنها فشلت خلال هذه الحرب وتم إغلاقها»، مؤكدا أن «إسرائيل تعتمد في الأصل على إعادة تأطير هذه السردية، وهذا ما تقوم به إلى الآن، هي تحاول أن تؤطر قصتها من خلال منظورها الشخصي ومن خلال زاويتها». 

وأوضح أنه «على سبيل المثال، إسرائيل الآن في حربها ضد غزة تحاول طوال الوقت إظهار الصواريخ القادمة من غزة ومن الشمال إلى إسرائيل، والكذبة الكبيرة التي سمعنا عنها في الحرب مع لبنان عندما قالت إن حزب الله هاجمها بـ6 آلاف صاروخ أرسلها إلى تل أبيب وهذا ما نفاه حزب الله». 

وتعليقا على ما إذا كانت حرب غزة قد استطاعت أن تكشف عن وجه آخر لإسرائيل وخرافاتها، قالت الإعلامية والباحثة السياسية، إيمان شويخ، إن «ربما كان هذا الأمر صحيحا في بداية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وفي الأشهر الأولى التي شاهدنا فيها تعاطفا كبيرا من قبل الرأي العام الغربي والدولي والأميركي، وكان هذا الأمر يشكل ضغوطا كبيرة على إسرائيل وعلى الولايات المتحدة التي أرادت بأي شكل من الأشكال إنهاء الحرب من أجل ألا يتم اتهامها بانها تمول المجازر والإبادة الجماعية».

 وأضافت، من بيروت، أن «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المعروف بمكره، استطاع أن يصطاد في الماء العكر وأن يقلب الأمور لصالحه، وتحديدا بعد خطابه في الكونغرس، الذي لعب خلاله على العواطف من أجل استمالة الرأي العام مجددا، وقد استطاع بالفعل إعادة حشد الرأي العام، لكن لا يمكننا القول إنه نجح بشكل كلي في ذلك». 

وقال الخبير الإعلامي، ياسر عبد العزيز، إن «هناك انحيازا في الإعلام الغربي عموما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهذا الانحياز له أبعاد دينية وحضارية وتاريخية، وأبعاد عملية تتصل بالوضع الراهن». 

وأضاف عبد العزيز، من القاهرة، أن «الإنصاف أيضا يقتضي القول إن الإعلام الغربي وأصوات ظهرت داخل هذا الإعلام انتبهت إلى هذا  السقوط المروع الذي لم يحدث فقط في حرب غزة، إذ سبق وحدث في الحرب الروسية الأوكرانية، انتبه كثير من الباحثين في أوروبا وأميركا إلى أن الغربيين لم يظهروا هذا الاتساق بين ما يقولون وما يفعلون في ما يتعلق بالقيم والمعايير الضابطة للأداء الإعلامي، فيما يتعلق بالانحياز مقابل الموضوعية». 

وتابع: «حينما جاءت حرب غزة ربما أطاحت بورقة التوت الأخيرة التي كانت تستر هذا العوار، وبالتالي بدأ بعض الغربيين، وعدد ليس بالقليل في أوساط النخب وأوساط السياسيين والجمهور والصحفيين والإعلاميين ينتبهون إلى ذلك، وسمعنا عن معارك دارت في وسائل إعلام  كبرى بحجم هيئة الإذاعة البريطانية أو وكالة الأنباء الفرنسية، دارت على تسمية حماس ووصفها بأنها إرهابية، إذ رغبت بعض الحكومات في ممارسة الضغوط على وسائل إعلام لجعل تغطيتها تساند الرواية الإسرائيلية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى