سياحه وآثارمقالات
زيارة الى.. معابد فيله باسوان (الجزء الاول )
كتب نصرسلامة
جزيرة معابد فيلة من اهم المزارات السياحية بمدينة اسوان، ولا توجد معابد على مستوي مصر مبنية على جزيرة مستقلة بهذا الشكل الا معابد فيله.
تاريخ المعابد:
يعود تاريخ معابد فيلة إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ثم تتابعت بعده العصور المختلفة مثل العصور اليونانية والرومانية والبيزنطية، وقد كان لكل عصر من هذه العصور أثره على جدران واعمدة هذا من تنوع ومزج بين فنون وزخارف الحضارات القديمة، وتحتوي المعابد على العديد من الأبنية التي يرجع تاريخها إلى العصر البطلمي، وهو من أبرز المعابد التي أنشأها بطليموس الثاني فيلادلفوس، وكان هذا المعبد مخصصاً للإلهة إيزيس أم حورس، وقد عُرفت عند قدماء المصريين بأنها ربة الأمومة والقمر.
سبب التسمية:
اول ما يستفسر عنه الزائر لهذه المعابد هو هذا الاسم الغريب، والذي يختلط احيانا مع جزيرة الفنتين مع وجود فرق كبير بينهما، واحيانا يعتبره البعض اسم جمع لحيوان الفيل، ولكنه ابعد تماما من هذه المسميات، اسم فيله في اللغة المصرية القديمة كان يعني النهاية أو المكان البعيد لأنها كانت نهاية مصر، وفيله اصلها كلمة يونانية معناها الحبيبة وتم تسميتها بهذا الاسم بعهد الإغريق في زمن كانت اللغة الإغريقية سائدة حينها، ويوجد لها اسم عربي هو أنس الوجود بسبب ارتباطها بقصص التراث الشعبي، ولكن يظل المعبد يحتفظ باسمه اليوناني الشهير فيله.
انقاذ معابد فيله:
منذ إكتمال بناء سد أسوان الأول عام 1902 ومياه النيل تحاصر جزيرة فيلة معظم شهور السنة، وذلك بما تضمه الجزيرة من مخزون أثري ثمين يشمل المعابد والمقصورات والأعمدة والبوابات الفرعونية والتي تجسد جميعها أساليب معمارية رومانية – يونانية وفرعونية.
وكانت زيارة معابد فيله تتم عن طريق استخدام القوارب الصغيرة لمشاهدة الاجزاء العلوية من جدران الحوائط وتيجان الاعمدة بسبب غرقها اسفل مياه الفيضان.
ثم أدى بناء السد العالي إلى تغيير الموقف على نحو جذري، وان الجزيرة ستصبح غارقة جزئياً ولكن على مدار السنة بسبب موقعها بين السد الجديد والسد القديم .
إضافة إلى ذلك فإن السحب اليومي للمياه لدفع التوربينات التي تولد الكهرباء قد يعني وجود تموجات مستمرة فيما يقرب من 3 أمتار من مستوى المياه وهو ما يؤدي بدوره إلى إتلاف الحجارة بشكل سريع ومن ثم فإن عدم إيجاد حل لهذه المشكلة كان سيؤدي بمعابد هذه الجزيرة إلى الاختفاء من على الخريطة.
وعندما تم طرح مشكلة جزيرة فيلة باعتبارها مشكلة مُلحّة كانت الاستجابة إزاء حملة النوبة سريعة وهو ما عكس تصميم المجتمع الدولي على إنقاذ منطقة بهذا الجمال وهذه الأهمية التاريخية.
بدأت عملية إنقاذ معابد فيله عام 1972 وذلك عندما بدأت باحاطة معابد الجزيرة بسياج من الالوح الفلاذية، بلغ عددها حوالي 3000 لوح مغروسة في قاع النيل وذلك لتكوين سد مؤقت لحجز المياه حول الجزيرة من الدخول اليها وسحب ما بداخل الجزيرة من مياه الى خارجها بواسطة مضخات، وقد واستغرق هذا الأمر عامان لإحاطة الجزيرة بصفين من الخوازيق المتشابكة بطول 12 متر، وداخل هذا الفراغ تم صب خليط من الماء والرمل المغسول من محاجر الشلال على بعد 5 كيلو، وتم توصيل هذا الخليط عبر البحيرة من خلال أنابيب، وقد سمح للماء بالتسرب تاركاً الرمل ليدعم الفولاذ ضد ضغط البحيرة، وهكذا اكتمل حزام النجاة حول الجزيرة.
بدأت بعد ذلك اعمال التسجيل والتوثيق من خلال الرسم والتصوير لجميع جدران واعمدة المعابد، ثم جاء دور فك احجار المعابد و تسجيل رقم على كل حجر للاستعانة به عند اعادة التركيب، بلغ عدد احجار المعبد حوالي 42000 كتلة حجرية تم نقلها الى موقع مؤقت بالشلال يحمل اسم الطلاينة نسبة الى الشركة الايطالية التي قامت بانقاذ المعابد، في هذا المكان قام فريق عمل ضخم بتنظيف وترميم الاحجار الاثرية تمهيدا لاعادة بنائها على جزيرة اخرى اسمها “اجيليكا” تقع الى الشمال من جزيرة فيله الغارقة بحوالي 500 متر، وتتميز بارتفاع منسوبها، ولزيادة الامان قاموا بنقل اطنان من الاحجار عليها.
ثم بدأت رحلة اعادة البناء بتجهيز ارضية خراسانية على جزيرة اجيليكا، ونقل واعادة بناء الكتل الاثرية من اسفل الى اعلى مع تثبيت جميع جدران واعمدة المعابد بالارضية الخرسانية عن طريق اسياخ معدنية لضمان قوة وصلابة اعادة البناء وانتهاء وافتتاح المشروع في شهر مارس من عام 1981 بحضور جيهان السادات حرم رئيس الجمهورية وقتها وقيادات من منظمة اليونسْكو.

