مقالات

الصدقة والعاطفة

د. صالح العطوان الحيالي 

العطاء هو سلوك يتميز بالايثار والشعور بالانتماء الانساني، ويبعث السعادة في النفس، لأنك عندما تساعد طرفا آخر محتاجا فأنت بذلك تساعد نفسك من حيث لا تدري، وبالتالي تتخلص من كل مشاعر الانانيةوالبخل والتحيز، وهو نوع من انواع الكرم ذي الخلق الرفيع ، والذي يقدم دون أي توقعات أو حتى انتظار ردود فعل تجاهه.عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها كانت تطيب الدراهم ودنانير الصدقة بالمسك وعندما سؤلت رضي الله عنها عن ذلك احابت: لأنها تقع في يد الله سبحانه وتعالى قبل أن تقع في يد الفقير والمسكين والمحتاج.

العلاقات الإنسانية لا تعطي ثمارها إلا إذا مارست من خلال العاطفة ، فالعاطفة هي الماء السحري الذي تحيا به القيم وتثمر به المكارم ، لذلك على من جعله الله في مقام القدوة والارشاد ، أو في مقام البذل والاسعاد ، أن يراقب تصرفاته وتصرفات من حوله في عين العاطفة . 

يقول فضيلة الشيخ ” علي الطنطاوي” رحمه الله :

‏رأيتُ إبنتي البارحة تأخذ قليلا من الفاصوليا والأرز،ثم وضعتْها في صينية نحاس و أضافت إليها الباذنجان و الخيار و حبات من المشمش.

‏و همَّتْ خارجةً، فسألتُها : لمنْ هذا ؟

‏فقالت :إنه للحارس، فقد أمرتْني جدّتي بذلك.

‏فقلتُ : أحضري بعض الصحون، و ضعي كل حاجة في صحن،و رتّبي الصينية،و أضيفي كأسَ ماء ومعه الملعقة و السكين ،‏ففعلتْ ذلك ثم ذهبتْ.

‏وعند عوْدتها سألتْني لمَ فعلتُ ذلك ؟

‏فقلت: إنَّ الطعامَ صدقةٌ “بالمال”،أما الترتيب فهو صدقةٌ “بالعاطفة” ..

‏والأولُ يملأ البطنَ، و الثاني يملأ القلبَ،

‏فالأول يُشعِرُ الحارسَ أنه متسولٌ أرسلْنا له بقايا الأكل.

‏أما الثاني فيُشعره أنه صديقٌ قريب أو ضيفٌ كريم .

‏وهناك فرق كبير بين عطاء المال و عطاء الروح .

‏وهذا أعظمُ عند الله و عند الفقير .

‏فليكنْ إحسانُكم ملفوفاً بكرَمٍ و محبة،لا بذلٍّ و مهانة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى