سياحه وآثارمقالات

زيارة الى.. معابد فيله بأسوان (الجزء الثاني)

كتب نصرسلامة

تابعنا في الجزء الاول شرح تفصيلي لاسم وتاريخ جزيرة فيلة وحملة الانقاذ الدولية التى نجحت في فك واعادة بناء المعابد على جزيرة اجيليكا.
ونستكمل خلال هذا الجزء “الثاني” زيارة اهم معالم الجزيرة باقدم المباني الاثرية بها، والذي نتجه اليه بعد وصولنا الى الجزيرة في الطرف الجنوبي الغربي منها حيث يبدأ مسار الزيارة من مقصورة تعتبر الاقدم تاريخيا.

مقصورة مقتنبو
مقصورة نقتنبو

مقصورة الملك نقتنبو:
ترجع المقصورة الى الملك نقتنبو الاول (380 – 362 ق م) وهو من ملوك الاسرة الثلاثين، وكانت مخصصة للمعبودة حتحور وايزيس، وسوف نلاحظ ان المقصورة كانت محاطة بعدد 14 عمود، لم يتبقى منهم سوى 4 اعمدة، يرجع سبب تهدم الاعمدة الى ان هذا الجزء الجنوبي من الجزيرة كان من اول المباني التي تتأثر بفيضان النيل عند قدومه.
نري اعمدة مقصورة نقتنبو مزينة بتيجان بشكلٍ زهرة اللوتس ( احد رموز الجنوب) ورؤوس حتحورية يعلوها ما يسمى بيت حورس ثم العتب العلوي، ويربط بين الاعمدة ستائر جدارية مسجل عليها علاقة الملك نقتنبو بالمعبودات المصرية القديمة، كما نلاحظ ان الجزءالجنوبي من المقصورة كان يزينها مسلتين لم يتبقى منهم سوى جزء من المسلة الغربية، والغريب في الامر هنا ان المسلات كانت غالبا تأتي فى مقدمة المباني وليس في نهايتها، لكن ربما لصغر حجمهما تم اقامتهما في نهاية المقصورة.
ومن مقصورة نقتنبو نستطيع مشاهدة الفناء المكشوف ومدخل معبد ايزيس الذي يحجب خلفه صالات المعبد، وقبل استكمال الشرح علينا التوقف هنا لنعطي فكرة عن:-
اسطورة ايزيس واوزيريس:
اعتقد المصريين القدماء ان الارض والسماء كانا ذكرا وانثي تزوجا وانجبا من البنين اثنين هما: اوزيريس وست، ومن البنات اثنين هما ايزيس ونفتيس وقد تزوج اوزريس اخته ايزيس وتزوج ست أخته نفتس.
تولي أوزيريس حكم الارض، وكان صالحا وكريما في تعامله مع البشر، مما جعله مثلا للخير وعلم الناس الزرعة وخطط لهم القري والمدن وشرع لهم القوانين وأحبه الناس فحقد عليه اخوه ست، وسولت له نفسه الانتقام من اخيه.
اعد ست خطة ماكرة ليقتل اخاه اوزيريس، حيث اقام حفل كبير دعا اليه أوزيريس ثم أخبر ست ضيوفه أنه اعد لهم مفاجأة وهي تابوت هدية من الذهب يكون من نصيب من ياتي مطابقا لمقاسه وقد تعاقب الضيوف في الاضطجاع في التابوت حتى جاء دور أوزيريس (كان مقاس التابوت مناسبا جدا له) وأخذ مضجعه داخل التابوت، فبادر ست واتباعه باحكام الغطاء علي التابوت وبداخله اوزريس والقوه في نهر النيل، فجرفه النهر الي البحر المتوسط الذي حملته امواجه الي فينيقيا ثم قذفته الأمواج الي ساحل ثغر جُبيل.
كانت إيزيس تبحث عن زوجها الي ان هداها الاله الي مدينة جبيل ووجدت التابوت وظلت هناك حتي نجحت ف الهروب بجثة زوجها وعادت الي مصر وفي مصر ذهبت ايزيس بالجثة الي مكان متخفي في مستنقعات الدلتا واخذت تبكي وتبتهل الي الاله ان يرد الحياة لزوجها اوزوريس فاستجاب آلآله لها وانطلقت ايزيس بصيحات الفرح هناك، فسمع ست الذي صادف انه كان يصطاد في مكان قريب منهما فما كاد يسمع الصوت حتي اتجه مسرعا نحوهما فاذا به يجد اخاه حيا، فيثور لذلك ويمزق جثة أوزيريس ويلقي بكل جزء منها ف اقاليم مصر الاثنين والاربعين
وانجبت ايزيس ابنها حورس بعد ان حملت به من روح ابيه أوزيريس؛ واخفته في احراش الدلتا حتى يكبر ويكون في مأمن من غدر عمه ست.
وعندما كبر حورس جمع الانصار حوله للانتقام لابيه ست والمطالبه بعرشه فانقسمت البلاد من اجل ذلك الي حسبين وشاء الاله ان ينصر الحق والخير فانتصر حورس لعرش ابيه فيصبح ملكا علي مصر ويصبح أوزيريس إلها للموتي.
وهكذا تدل قصه ايزيس واوزيريس علي ان الظلم لا يستمر ولابد للحق ان ينتصر في النهاية.
ربما استوحى المصري القديم هذه الاسطورة من قصة قابيل وهابيل واضاف اليها من خيالة باقي الاسطورة.

الفناء المكشوف:
لا يوجد فناء مكشوف يماثل هذا الفناء بجميع المعابد المصريه، والاختلاف هنا في عدم وجود تماثل في عدد الاعمدة الشرقية والغربية، وايضا عدم اكتمال تيجان بعض الاعمدة مما يعطي فكرة عن طريقة نحت تيجان الاعمدة.
هذا الفناء كان مخصص لحضور الحجاج والزائرين من عامة الشعب لمشاهدة موكب ايزيس ، واعتقد انهم كانوا يقفوا خلف صفي الاعمدة الشرقية والغربية اثناء مرور موكب تمثال ايزيس والكهنة بالفناء، وان هذه الاعمدة كانت بمثابة حاجز لهم حتى لا يقتربوا من الموكب المقدس.

رواق الاعمدة الشرقي
رواق الاعمدة الشرقي

يقع بالجانب الشرقي من الفناء رواق اعمدة يتكون من حوالي 17 عمود، 6 اعمدة منهم مكتملة التيجان، قام ببناء هذه الاعمدة بطليموس الثامن، ويقع خلفها جدار، ويربط بين الاعمدة والجدار سقف لا يزال يحتفظ ببقاؤه.
وعلى الجانب الغربي نرى رواق اخر يتكون من حوالي 31 عمود مكتملين التيجان من عصر الملك بطليموس الثاني عشر، ولو دققنا النظر في تيجان هذه الاعمدة سنجد كل تاج يختلف عما قبله، فلا يوجد تاجين متماثلين رغم كثرة عددهم، ويقع خلف هذه الاعمدة جدار مسجل عليه نقوش مختلفة لعلاقة اباطرة الرومان مع المعبودات المصرية القديمة وبعض النوافذ التى كانت باتجاه جزيرة بيجه قبل الانقاذ حيث يوجد قبر اوزيريس.

رواق الاعمدة الغربي
رواق الاعمدة الغربي

من ارضية الفناء الاول ومن خلال رؤيتك للاجزاء الداخلية للمعبد ستجد انه كلما تعمقت داخل صالات المعبد كلما ارتفع مستوى الأرضية مع وجود بعض درجات السلالم التي تبدأ من المدخل الاول، وهذا تفسيره انك كلما اقتربت من قدس الاقداس كلما ابتعدت عن الارض وارتقيت الى السماء، كما ستلاحظ ان الفناء الاول والثاني مكشوفين ثم صالة نصفها مسقوف يتبعها صالات مسقوفة بالكامل، هذا الظلام مقصود به اعطاء رهبة وخشوع كلما تقدمت نحو قدس الاقداس وهو المكان المخصص لمعبودة المعبد ايزيس.
الى اللقاء في الجزء الثالث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى