الغدر صفة اللئيم
كتب : د.صالح العطوان الحيالي
الغدر لغة يعني ترك الوفاء بالعهد وأصل تلك الكلمة يدل على ترك الشيء ، بينما اصطلاحا هو الرجوع عما يبذله الإنسان من نفسه ويضمن الوفاء به كما عرفه الجاحظ ويعني أيضا نقض العهد والاخلال بالشيء وتركه .
قال المناوي : الغدر نقض العهد والاخلال بالشيء وتركه. قيل أيضا في الغدر : نقض العهد مطلقا في لحظة لم تكن متوقعة ولا منتظرة . والغدر خلق ذميم من أخلاق المنافقين ، حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الخصال المذمومة التي تعد من صفات المنافقين ومنها أن هؤلاء يعتبرون من أشد الناس خطرا على الإسلام والمسلمين لانهم يشيعون البغضاء والكراهية في المجتمع.
الغدر شيمة الجبناء والوفاء شيمة الشجعان إياك والغدر فإنه أقبح الخيانة وإن الغدر لمهان عند الله . الوفاء والغدر في الناس طبع .
في “معركة كاظمة” المعركة التي دارت بين المسلمين والفرس خرج هرمز قائد الفرس وصرخ وطلب مبارزة خالد بن الوليد على الأرض فنزل خالد وقبل التحدي في معركة لا تحدث كثيراً في التاريخ فهذا سيف الله المسلول والآخر هو القائد العسكري لجيش أقوى إمبراطورية في العالم في ذلك الوقت .
لكن قبل بداية المبارزة كان قد أعطى هرمز أوامر لخمسة من فرسانه الأقوياء لكي يغدروا بخالد بن الوليد أثناء القتال خصوصاً أن المعركة أقرب بكثير لجيش الفرس بعيداً عن جيش المسلمين فمن السهل الظفر بإبن الوليد وأثناء تلاحم المعركة وإشتعال المبارزة أعطى هرمز الإشارة لفرسانه بالهجوم على خالد وقتها انتبه خالد للأمر وهنا واجه الموت بأعينيه .
في هذه اللحظة وبعين ثاقبة لمح القعقاع بن عمرو التميمي هؤلاء الفرسان يتحركون وأيقن أنها حيلة للغدر بخالد بن الوليد فأنطلق بسرعة البرق دون أن يخبر أحداً من المسلمين و اتجه نحو خالد الذي كان يدافع عن نفسه قليلاً وسط هؤلاء ووصل القعقاع وقتل الفارس الأول والثاني وعندها وصل مجموعة من المسلمين إليهم وأصبحت مجموعة من المبارزات الفردية .
وبعد أن نجا خالد من الموت تلاحم مع هرمز وأظهر مهارة فائقة في المواجهة وقام بقتل هرمز والذي كان مقتله بمثابة الصدمة الكبيرة لجميع الفرس فكيف لقائدهم أن يُقتل من قائد العرب وهم يعتبرون العرب لا شيء يذكر بجانب دولتهم وحضارتهم وعَتاد جيوشهم ولم يُمهلهم خالد الوقت حتى يفيقوا من صدمتهم فأمر جيشه بالهجوم عليهم ويقوم بالإنتصار عليهم وفتح العراق في واحدة من أعظم المعارك في تاريخ المسلمين والتي سميت بمعركة ذات السلاسل نظراً لأوامر هرمز لجنوده بربط أنفسهم السلاسل حتى لا يهربوا من المعركة .
هذا خالد بن الوليد أعظم قائد عسكري في التاريخ وهذا القعقاع بن عمرو التميمي الذي قال عنه سيدنا أبو بكر ( رضي الله عنه ) لا يُهزم جيش فيه القعقاع فهو رجل بألف رجل.