مقالات

الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا

بقلم/مهندس مظلوم الزيات

أعلن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في الصحابة أن يتجهزوا لقتال الروم وحضهم علي الجهاد ولما سمع المسلمون النداء تسابقوا إلي الإمتثال فقاموا يتجهزون للقتال بسرعة بالغة ولم يرض أحد من المسلمين أن يتخلف عن هذه الغزوة إلا اللذين في قلوبهم مرض وإلا ثلاثة نفر كما تسابق المسلمون في إنفاق الأموال وبذل الصدقات .

هكذا تجهز الجيش وتحرك رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يوم الخميس نحو الشمال يريد تبوك ولكن الجيش كان كبيرا ثلاثون ألف مقاتل لم يخرج المسلمون في مثل هذا الجمع الكبير قبله قط فلم يستطع المسلمون مع ما بذلوه من الأموال أن يجهزوا الجيش تجهيزا كاملا بل كانت في الجيش قلة شديدة إلي الزاد والمراكب فكان ثمانية عشر رجلا يتعقبون بعيرا واحدا وربما أكلوا ورق الشجر ولذلك سمي هذا الجيش بجيش العسرة .

رجع الجيش الإسلامي من تبوك مظفرين منصورين لم ينالوا كيدا وكفي الله المؤمنين القتال ولما دخل رسول اللّه المدينة بدأ بالمسجد وصلي فيه ركعتين ثم جلس للناس فأما المنافقون وهم بضعة وثمانون رجلا فجاءو يعتذرون بأنواع شتي من الأعذار وطفقوا يحلفون له فقبل منهم علي نياتهم وبايعهم واستغفر لهم و وكل سرائرهم إلي الله وأما الثلاثة المؤمنين الصادقين وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية فاختاروا الصدق فأمر رسول اللّه الصحابة ألاّ يكلموا هؤلاء الثلاثة وجرت ضد هؤلاء الثلاثة مقاطعة شديدة وتغير لهم الناس حتي تنكرت الأرض وضاقت عليهم بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وبلغت بهم الشدة أنهم بعد أن قضوا أربعين ليلة من بداية المقاطعة أُمروا أن يعتزلوا نسائهم حتي تمت علي مقاطعتهم خمسون ليلة ثم أنزل الله توبتهم

(وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (118)سورة التوبة

وفرح المسلمون وفرح الثلاثة فرحا لا يقاس مداه وغايته فبشروا و أبشروا وكان أسعد يوم من أيام حياتهم وأما الذين حبسهم العذر قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم حين دني من المدينة:(إن بالمدينة رجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم العذر ) قالوا يا رسول اللّه وهم بالمدينة قال وهم بالمدينة.

وختاما قصة الذين خلفوا عن غزوة تبوك في العام التاسع الهجري أحدهم وهو كعب بن مالك كان وقت نضج الثمار وقلت سألحق بهم حتي خرجوا ظننت أني مدركهم فلما أنفرط الأمر أصبحت وحدي بالمدينة إلا رجلا مشهورا بالنفاق أو رجلا ممن عذر اللّه من الضعفاء.

من الدروس المستفادة من هذا ترك التسويف فهو مشكلة قد تؤدي إلي ما لا يحمد عقباه فهذا كعب بن مالك ظل يسوف حتي خرج الجيش وعاد فندم ندما شديدا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى