عظيمــة يـا مصــر

كتب: أحمد الطيب

قصر القبة ، كوبري القبة ، حمامات القبة ، سراي القبة
أين هذه القبة ؟ وماهى سر التسمية التى حيرت الكثيرين ؟
بالبحث وجدتها إنها قبة الأمير يشبك من مهدي.

هي واحدة من المنشآت التاريخية المهمة التي تعود إلى العصر المملوكي ، حيث تقع قبة الأمير يشبك من مهدي في ميدان حدائق القبة بمدينة القاهرة، تحديدًا أمام قصر القبة وبجوار إدارة مرور حدائق القبة.

شيدها الأمير يشبك من مهدي بين عامي 1476م – 1477م، وكانت جزءًا من منشآت استراحية على الطريق المؤدي إلى شمال القاهرة وكان من كبار أمراء المماليك وأحد أمراء السلطان قايتباي، وتولى مناصب رفيعة في الدولة، من بينها ولاية بعض الأقاليم والإشراف على الأعمال العسكرية .. عُرف ببنائه للعديد من المنشآت المعمارية، وخاصة في القاهرة.

نجم “يشبك” لمع في عهد السلطان قايتباي، حيث اعتمد عليه في وظائف الدولة، وبنى يشبك في عهده “قُبة”، أُلحق بها فيما بعد مئذنة منفصلة عنها ومسجدًا صغيرًا، في وسط حدائق، بهدف “الاستجمام”، وهو الغرض الذي بناها “يشبك” من أجله ثم تحولت القبة لاستراحة، كان يستخدمها قايتباي لإطعام الأمراء وتلامذته، ثم تحولت لاستراحة على الطريق، خاصة وأن المنطقة كانت عبارة عن حدائق وبساتين من كوبري الفردوس حتى المطرية.

• تم بناء مأذنة ومسجد بعد بناء القبة، وتم إلحاقهما به، وعرف المسجد بـ “مسجد القبة”، ويشير المتخصص في التاريخ المملوكي، إلى أن مصطفى باشا فاضل، أنشأ المئذنة على الطراز العثماني (1278هـ الموافق1861م)، وفي عهد الخديوية تم بناء القصر، المعروف الآن بقصر القبة، نسبة لقبة الأمير “يشبك من مهدي”، كما أن القبة تم تجديدها في عصر عباس حلمي الثاني (1324هـ الموافق 1906م)، بواسطة لجنة حفظ الآثار العربية.

• قتل الأمير يشبك في عام (885 هـ الموافق1480م)، وبعد تولى السلطان الأشرف أبو النصر قنصوة الغوري حكم مصر عام (906 هـ الموافق 1501 م)، استمر في سياسة الأمير يشبك، فاتخذ القبة مقعدا ينزل فيه كلما أراد التنزه والرياضة، وكان يبيت فيها من وقت لآخر طوال مدة حكمه، وأنشأ بجوارها عددا من الفساقي يجري فيها الماء، وحفر بئرا ليشرب منه المسافرون الذين يمرون بجوارها.

• تتكون القبة من بناء مربع الشكل تعلوه قبة ضخمة، وهي من الطراز المملوكي المتطور:-
• تحتوي على زخارف هندسية ونباتية مميزة تعكس براعة فن العمارة المملوكية.
• تزين واجهتها كتابات بالخط الكوفي والنسخي، تسجل اسم الأمير وتاريخ الإنشاء.
• تضم القبة الضريح الذي دُفن فيه الأمير يشبك، وهو نموذج مميز للأضرحة المملوكية.

• تعد من الشواهد المهمة على تطور العمارة المملوكية في أواخر القرن الخامس عشر لأنها تجسد ملامح الطراز المملوكي في القباب التذكارية، حيث كان للأمراء عادة إنشاء أضرحتهم بأنفسهم قبل وفاتهم.

• تعتبر مزارًا أثريًا يعكس تاريخ الدولة المملوكية وثراء فنها المعماري ولا تزال قبة الأمير يشبك قائمة حتى اليوم، ولكنها تحتاج إلى جهود ترميمية للحفاظ عليها من التدهور، مثل العديد من المنشآت الإسلامية التاريخية في القاهرة.

• مساحة وارتفاع قبة الأمير يشبك من مهدي :-
المساحة : تتألف القبة من قاعدة مربعة الشكل، يبلغ طول كل ضلع منها 13.75 مترًا.

• الارتفاع: يصل الارتفاع الكلي للقبة إلى 20 مترًا، حيث ترتفع القاعدة عن مستوى الشارع بحوالي 2.5 متر، وتحتوي على طابق سفلي كان يُستخدم سابقًا كخزان للمياه.

تتميز القبة بزخارف نحتية بارزة، أبرزها:
• الزخارف النباتية التى تغطي الجدران الداخلية للقبة زخارف نباتية ملونة، تتنوع ألوانها بين الأزرق والأحمر، مما يضفي جمالًا وروحانية على المكان.
• الكتابات القرآنية: تزين الجدران الداخلية للقبة آيات قرآنية مكتوبة بالخط الكوفي، محفورة على ألواح رخامية. من أبرز هذه الآيات: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ” و”اللَّهُ الصَّمَدُ”. تُضفي هذه النقوش جوًا من السكينة والروحانية داخل القبة.
• هذه الزخارف النحتية تعكس روعة الفن المعماري المملوكي واهتمامه بالتفاصيل الجمالية والدينية في آن واحد

• يتميز الداخل القبة بتصميم مملوكي يجمع بين البساطة والفخامة، حيث تعكس العناصر المعمارية والزخرفية المستوى الرفيع لفن العمارة الإسلامية في العصر المملوكي.

1- القبة الداخلية :تعلو الضريح قبة ضخمة مزخرفة بزخارف هندسية ونباتية مميزة.
• القبة قائمة على مقرنصات حجرية متدرجة، وهي من السمات المعمارية البارزة في العصر المملوكي.
• تم تزيين السطح الداخلي للقبة بنقوش وزخارف جصية ملونة، لكن بعض الأجزاء تعرضت للتآكل مع الزمن.

2- المحراب والكتابات القرآنية :يحتوي الجدار الجنوبي للقبة على محراب رخامي بسيط التصميم لكنه مزين بعناصر هندسية دقيقة.
• تعلو المحراب كتابات قرآنية بالخط الكوفي أو النسخي، تعبر عن الطابع الروحي للقبة.
• بعض هذه الكتابات تتضمن آيات تتحدث عن الجنة والمغفرة، مما يتناسب مع طبيعة المكان كضريح.
3- التابوت الحجري :يوجد فى وسط القبة وبضم رفات الأمير يشبك من مهدى
• التابوت مزخرف بحفر دقيق يحمل كتابات تحدد اسم الأمير وتاريخ وفاته.

4- الجدران الداخلية :
مصنوعة من الحجر المشهر، وهو أسلوب معماري مملوكي يعتمد على المزج بين الأحجار فاتحة وداكنة اللون لخلق تأثير جمالي والجدران تتضمن نوافذ جصية معشقة بالزجاج الملون، تتيح دخول الضوء بطريقة تعكس أجواء روحانية مميزة داخل القبة.

5- الأرضية :تتكون من بلاطات حجرية أو رخامية، بعضها يحتوي على زخارف بسيطة تعكس الطابع المملوكي.
• بعض الأجزاء قد تعرضت للتآكل، لكنها لا تزال تحافظ على طابعها الأثري ، فعند دخول الزائر القبة يشعر بالهيبة والسكينة ، حيث تمتزج الإضاءة الخافتة القادمة من النوافذ الجصية مع الزخارف البديعة، مما يخلق أجواءً روحانية تتناسب مع كونها ضريحًا لأحد كبار أمراء المماليك.

أنواع الزخارف في قبة الأمير يشبك من مهدي التى تعكس روعة الفن المملوكي في زخرفة الأضرحة، حيث استخدمت فيها عدة أنواع من الزخارف التي تجمع بين الجمال والرمزية الدينية :-

1- الزخارف الهندسية :تعتمد على الأشكال المتشابكة مثل المضلعات والمثلثات، والتي تعطي القبة طابعًا متناسقًا ومتناغمًا.
•المقرنصات الحجرية التي تحمل القبة تعتبر من أبرز العناصر الهندسية، حيث تتدرج في تصميمها لتعطي إحساسًا بالحركة والعمق.
• استخدام الحجر المشهر (التناوب بين الأحجار الفاتحة والداكنة) على الجدران لخلق تأثير جمالي.

2- الزخارف النباتية (الأرابيسك) :
• تظهر في النقوش الجصية والخشبية على المحراب والنوافذ.
• تتمثل في الأغصان الملتفة، الأوراق، الأزهار، وتعكس رمزية الحياة والجنة في الفنون الإسلامية.
هذه الزخارف غالبًا ما تكون محفورة بدقة على الرخام والجص، مما يعطي إحساسًا بالثراء الفني.

3- الزخارف الكتابية : تعتبر من أهم عناصر التزيين، حيث توجد نقوش قرآنية بخط كوفي أو نسخي على المحراب والجدران.
• بعض العبارات الدعائية للأمير يشبك محفورة على التابوت الحجري داخل القبة.
• تتميز الكتابات بأسلوب الحفر البارز والمحفور الغائر، مما يزيد من تأثيرها البصري.

4- الزخارف الجصية :توجد في شكل مشربيات جصية معشقة بالزجاج الملون تسمح بمرور الضوء إلى داخل القبة بطريقة فنية وبعضها تحمل أنماطاً هندسية أو نباتية دقيقة .
5- الزخارف الرخامية :
– الأرضيات مزينة ببلاطات رخامية تتداخل في أشكال هندسية متناغمة.
– المحراب يحتوي على لوحات رخامية ملونة بألوان متباينة، تعكس الطابع الفخم للعمارة المملوكية.
– تعكس التطور الفني للعمارة المملوكية، حيث تجمع بين العناصر الجمالية والهندسية والروحية.
– تبرز المكانة الرفيعة للأمير يشبك من مهدي، حيث كانت الزخارف الفخمة دليلًا على السلطة والهيبة.
– تعبر عن البعد الديني، حيث استخدمت الآيات القرآنية والزخارف النباتية لإضفاء الطابع الروحي على المكان.
– تُعد هذه الزخارف شاهدًا على براعة الحرفيين في العصر المملوكي، وهي جزء من التراث الإسلامي الذي يحتاج إلى الترميم والمحافظة عليه.

أعمال الترميم التي مرت بها قبة الأمير يشبك من مهدي :-
تُعد قبة الأمير يشبك من مهدي من المعالم الأثرية البارزة في القاهرة، وقد شهدت عبر تاريخها عدة مراحل من الترميم للحفاظ على قيمتها التاريخية والمعمارية. فيما يلي أبرز هذه المراحل:-

1- الترميم الأولي في العصر المملوكي:
القرن الخامس عشر الميلادي (القرن التاسع الهجري): بعد إنشاء القبة بين عامي 881هـ/1476م و882هـ/1477م، كانت هناك جهود للحفاظ على هيكلها وزخارفها، خاصةً مع تزايد أهمية المنطقة المحيطة بها.

2- الترميمات في العصر العثماني:
القرن التاسع عشر الميلادي (القرن الثالث عشر الهجري): شهدت القبة اهتمامًا من قبل السلطات العثمانية، حيث تم إجراء بعض الإصلاحات للحفاظ على بنيتها وزخارفها، وذلك نظرًا لموقعها المميز وأهميتها التاريخية.
3- الترميمات الحديثة:
القرن العشرون الميلادي (القرن الرابع عشر الهجري): مع تطور الوعي بأهمية الحفاظ على التراث، قامت الجهات المعنية بالآثار في مصر بإجراء دراسات لترميم القبة، شملت تعزيز الهيكل الأساسي، وترميم الزخارف الجصية والنقوش الكتابية، بالإضافة إلى معالجة التآكل الناتج عن العوامل البيئية.

على الرغم من الجهود المبذولة في الترميم، تواجه القبة تحديات مستمرة تتعلق بالعوامل البيئية والتلوث الحضري، مما يستدعي خطط صيانة دورية ومستمرة للحفاظ على هذا الصرح التاريخي.

نشأة وتطور حي حدائق القبة نسبة إلى قبة الأمير يشبك من مهدي:
1- النشأة في العصر المملوكي:
– تعود نشأة حي حدائق القبة إلى العصر المملوكي عندما قام الأمير يشبك من مهدي ببناء قبة تذكارية له في المنطقة، التي كانت آنذاك عبارة عن أراضٍ زراعية وبساتين خضراء . . و مع مرور الزمن، أصبحت القبة مركزًا محوريًا، مما أدى إلى تسمية المنطقة المحيطة بها بـ”حدائق القبة”، كما نُسبت إليها معالم أخرى مثل “قصر القبة” و”كوبري القبة”..

2- التطور في العصر العثماني :
– خلال الفترة العثمانية، استمرت المنطقة كموقع زراعي محاط بالقصور والاستراحات الخاصة بالنخبة الحاكمة.
– أصبحت المنطقة تُعرف تدريجيًا باسم حدائق القبة، نظرًا لانتشار الحدائق والبساتين حول القبة الأصلية للأمير يشبك.

3- العصر الحديث (القرن التاسع عشر – العشرين).
– مع التوسع العمراني للقاهرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بدأ الأمراء والخديويون في بناء قصورهم في المنطقة، وأشهرها قصر القبة، الذي بناه الخديوي إسماعيل في عام 1866م.
– مع مرور الزمن، تحولت المنطقة إلى حي راقٍ يضم قصورًا وفيلات لكبار المسؤولين والأعيان.
– في القرن العشرين، بدأت المنطقة تكتسب طابعًا سكنيًا متكاملًا، مع إنشاء الشوارع الحديثة، المدارس، المستشفيات، والمباني الحكومية.

أصبحت حدائق القبة اليوم من أهم أحياء القاهرة، وتتميز بمزيج من المباني التاريخية والمناطق السكنية الحديثة .. أما قبة الأمير يشبك من مهدي قائمة حتى اليوم،و شاهدة على تاريخ المنطقة وتطورها عبر العصور فهى تجمع بين الطابع التاريخي والمعماري الفريد، حيث توجد به آثار مملوكية وعثمانية وحديثة.

– يضم معالم بارزة مثل قصر القبة، مستشفى القوات المسلحة، إدارة مرور حدائق القبة، مما يجعله من الأحياء الحيوية في القاهرة.

الإعداد لحق المعرفة على أن يشبك من مهدي هو أمير لم يعرف له والد، وكان من مماليك الأمير الظاهر. سبب تسميته الأمير يشبك “من مهدي” وليس “ابن مهدي”، هو أن السلاطين المماليك، كانت يتم شراؤهم.

السلطان الظاهر جقمق، تولى مصر في الفترة من (842 هـ – 857 هـ)، واشترى “يشبك”، عندما كان عمره 13 عاما من تاجر اسمه “مهدي”، فنُسب إليه.

ثم تدور رحى حياة الأمير “يشبك”، حتى يصل في إحدى محطاتها للسجن على يد “الأشرف” – أحد سلاطين مصر- وفي عهد السلطان جقمق، تولى “يشبك” مهم “الكاشف” عن الوجه القبلي، و “الكاشف” وظيفة مهمة، وتعد في درجة الوزير المسئول عن الأراضي والنيل والري.