بقلم الدكتور منصور بريك
هرم الجيزة الأكبر هو احدي عجائب الدنيا السبع القديمة والوحيدة التى مازالت قائمة حتى الآن، شيده الملك خوفو ثاني ملوك الاسرة الرابعة من عصر الدولة القديمة عام ٢٥٨٠ قبل الميلاد، ويعتبر من أكمل الأهرام المصرية القديمة، واستغرق بنائه ٢٠ عاما فى الفترة من ٢٥٦٠ الى ٢٥٤٠ قبل الميلاد.
وكان يشرف علي بنائه حم ايونو صاحب المقبرة رقم ٤٠٠٠ فى الجبانة الغربية بمنطقة الهرم الاثرية وكان يساعده المهندس عنخ_اف صاحب التمثال الشهير فى متحف بوسطن بأمريكا الذي شيد بعد ذلك هرم الملك خفرع، كما اثبتت برديات وادي الجرف التى اكتشفها عالم الاثار الفرنسي بيير تالييه عام ٢٠١٣م ، وعمل فى بناء الهرم كما ذكر هيرودوت والذي زار المنطقة فى القرن الخامس قبل الميلاد حوالى ١٠٠٠٠٠ عامل والهرم الأكبر كان يصل ارتفاعه ١٤٦.٥متر، وحاليا ١٣٨متر، مبني على مساحة حوالى ١٣ فدان،طول كل ضلع من أضلاعه الأربعة٢٣٠.٤م واستخدم فى بنائه حوالى ٢٣٠٠٠٠٠ كتلة من الحجر الجيري،وكان قد تم السماح فى اواخر الثمانينيات لأحد العلماء الالمان( ديتريش كليمD.Klim) بأخذ عينات من أحجار الهرم الأكبر على مستويات مختلفة لتحليلها ومعرفة المحاجر التى تم قطعها منها واتضح ان أغلب احجار جسم الهرم الأكبر تم جلبها من محاجر ابورواش والبعض الاخر من هضبة الجيزة نفسها اما الكساء الخارجي والموجود بقاياه على قاعدة الضلع الشمالى فقد تم قطعه من محاجر طره، اما حجرة الدفن والتابوت والمتاريس التى كانت تغلق مدخل حجرة الدفن والممر الرئيسي فقد تم تشييدها من حجر الجرانيت الاحمر الذي كان يجلب من محاجر أسوان.
ويتميز هرم خوفو بأن حجرة الدفن تم تشيبدها فى جسم الهرم عكس جميع الأهرام وتم تشييد خمسة غرف فوقها لتخفيف ضغط الاحجار على سقفها المشيد من تسعة كتل ضخمة مستطيلة الشكل من الجرانيت الاحمر، ونصل إليها عن طريق ممر صاعد يوجد فى الممر الاول المؤدي الى الغرفة الاولى والتى تقع تحت مستوي سطح الأرض على بعد حوالى ١٠٢ متر، هذا الممر الصاعد يؤدي إلى ممر افقي بطول حوالى ٢٤ متر الى الغرفة الثانية والتى يطلق عليها غرفة الملكة و بداية الممر الأفقي يؤدي إلى مايطلق عليه الدهليز العظيم بطول ٤٧ متر وارتفاع ٨.٥ متر، وهو من عجائب العمارة المصرية القديمة.
يتم زيارة الهرم الأكبر عن طريق مدخل الخليفة المأمون والذي يقع اسفل المدخل الرئيسي للهرم الأكبر والذي تم فتحه فى جسم الهرم فى القرن التاسع الميلادي، ولست هنا بصدد الشرح المعماري للهرم الأكبر…. ولكن ونظرا لأهمية الهرم الأكبر تاريخيا وأثريا فقد كان ومازال محط أنظار زوار منطقة الهرم وحلم كل زائر ان يدخله، وفى اوائل التسعينات وبعد ان تلاحظ لمنطقة اثار الهرم فى ذلك الوقت زيادة نسبة الرطوبة وارتفاع درجة الحرارة داخل ممرات الهرم الأكبر مما أدي الى تأثر الاحجار الداخلية للهرم بصورة كبيرة، صدر قرار بإغلاق الهرم، وبدأنا مشروع كبير لترميمه من الداخل كما تم الاستعانه بالمعهد الألماني للاثار وكان يرأسه فى ذلك الوقت دكتور رينر شتدلمان لدراسة تلك المشكله وايحاد حلول عمليه لها.. وانتهت الدراسة الى انه يمكن العمل على تجديد الهواء داخل الهرم بتركيب شفاطات كهرباء فى مايطلق عليه بممرات التهوية الموجودة فى حجرة الدفن الرئيسية وبالفعل تم الاستعانه بمهندس الماني قام بتصميم إنسان الى اطلق عليه وب واووت او فاتح الطرق واستطعنا ان نستكشف ممرات التهوية فى حجرة الدفن الرئيسية وتم تثبيت شفاطات لسحب الهواء من داخل الغرفة الى الخارج وبالتالي تخفيض نسبة الرطوبة ودرجة الحرارة، وبعد نجاح التجربة تم الانتقال لغرفة الدفن الثانية او ما يطلق عليها حجرة الملكة والتى بها ممرين أيضا للتهوية كان علماء الآثار يعتقدون أنهما غير مكتملتين حيت توصل الانسان الالى الى ان الممر الجنوبي يتوقف امام باب يغلق ممر التهويه وله مقبضان من النحاس وفى تلك الفترة فى عام ١٩٩٣م تم نقل مدير المنطقة وأغلب الاثريين فيما يعرف بلعنة زيارة القذافي للمنطقة وسرقة احد التماثيل أثناء الزيارة. واستغل هذا المهندس الالماني تلك الفترة وقام بإعلان الكشف فى ألمانيا دون موافقة المجلس الأعلى للاثار ، وتم منعه من العمل بعد ذلك فى مصر، والمهم ان اكتشاف هذا المهندس قد جلب لهرم خوفو العديد من المحاولات لاكتشاف ممراته الخفيه وآخرها ما تم الإعلان عنه من اكتشاف ممر جديد يقع بجوار الممر الاول للهرم.
النتيجة المهمة لكل تلك الأعمال بعد تركيب نظام التهوية داخل الهرم الأكبر هو انه تم تحديد عدد زوار الهرم يوميا ب ٥٠٠ زائر مقسم على فترتين فترة صباحية وفترة بعد الظهر كل فترة ٢٥٠ زائر حسب أسبقية الحجز مع تخصيص تذكرة خاصة بالهرم بسعر عالى للحد من زيارته على ان يتم غلق الهرم لمدة ساعة للراحه حفاظا عليه، واستمر هذا النظام حتى السنوات الاخيرة وبدون سبب تمت زيادة تذكرة الهرم الأكبر مع عدم تحديد عدد محدد للزيارة يوميا حيت كان العذر هو البحث عن زيادة الموارد دون النظر عن الحفاظ على الهرم العجيبه الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع والذي نتج عن هذا القرار هي تلك الطوابير التى لا تنتهي والتى تقف أمام مدخل الهرم لزيارته والتى على المدي البعيد ستؤثر بالسلب على سلامة الحجر الجيري وزيادة الأملاح فيه مما سيؤدي الى تاكله وتدميره.. فى فرنسا لا يمكن للزوار ان يدخلوا كهف لاسكو الشهير وهو كهف به رسوم ملونه من عصور ما قبل التاريخ وقام الفرنسيين بعمل نموذج طبق الأصل بجوار الكهف يدخله السائحين، اما الكهف الأصلي ممنوع زيارته الا للمتخصصين وبتصريح وكذلك الحال فى كهف التاميرا فى أسبانيا.
إن الهرم الأكبر بمنطقة اهرامات الجيزة هو أهم اثر على مستوي العالم وللحفاظ عليه يجب العودة للنظام القديم وهو تحديد عدد محدد للزوار يتم الاتفاق عليه مع غرفة الشركات السياحية على ان يغلق ساعة للراحة فى فترة الظهيرة.
أقرأ التالي
2025-04-18
“السيسي وملف الخارج… حنكة الزعيم وثقة الشعب”
2025-04-17
مشيرة موسى تكتب ” الصاحب اللى يتصاحب “
2025-04-17
العزة من أخلاق العلماء
2025-04-15
الإعلام الرقمي.. التحول الكبير وأدوار الصحفي في مواجهة تحديات المستقبل
2025-04-14
ثاليدومايد: الدواء الذي حوّل أرحام الأمهات إلى مقابر مشوهة
2025-04-14
عبدالله بن أبي السرح
2025-04-14
العقل الأزرق: درعك الخفي في زمن الغرق الرقمي!
2025-04-13
التأثيرات الإجتماعية والأخلاقية للحضارة الإسلامية علي أوربا
زر الذهاب إلى الأعلى