كتب:خالدعبدالحميدمصطفى
تُعد شبه جزيرة سيناء قطعة فريدة من أرض مصر، لا تتجلى أهميتها في موقعها الجغرافي فقط، بل تمتد لتشمل بُعدها الديني، والتاريخي، والإستراتيجي، والإقتصادي. إنها الأرض التي إجتمع فيها الأنبياء، وسارت فوق رمالها الحضارات، وإرتفعت فيها رايات النصر، وما تزال حتى اليوم مفتاحاً لمستقبل أكثر إشراقاً لمصر والمنطقة.
القدسية والموقع
تُعرف سيناء بأنها “أرض التجلي”، فقد شرفها الله سبحانه وتعالى بقدسية خاصة، فهي الأرض التي كلّم فيها الله نبيه موسى عليه السلام عند طور سيناء، وفيها الوادي المقدس طوى، الذي ورد ذكره في القرآن الكريم. وعلى مدار العصور، كانت سيناء ملتقى للديانات السماوية الثلاث: اليهودية، والمسيحية، والإسلام، ما أضفى عليها طابعاً روحياً لا مثيل له.
أما من حيث الموقع، فتقع سيناء في قلب العالم، فهي نقطة الربط بين قارات آسيا وأفريقيا، وتشكل حاجزاً طبيعياً يحمي بوابة مصر الشرقية. يحدها البحر المتوسط شمالًا، والبحر الأحمر جنوباً، ما يمنحها قيمة إستراتيجية وإقتصادية عالية، خاصة في ظل مرور قناة السويس على مقربة منها، ووجود مضيق تيران الحيوي.
سيناء في التاريخ
شهدت سيناء عبر العصور صراعات عظيمة وعبوراً للغزاة والجيوش. فمنها مر الهكسوس والآشوريون والفرس، وعبرها الإسكندر الأكبر والرومان. وفي العصر الإسلامي، فتحت سيناء ذراعيها لجيوش المسلمين الفاتحين. كما كانت ساحة للبطولات الخالدة في العصر الحديث، خاصة خلال العدوان الثلاثي عام 1956، ونكسة 1967، ثم نصر أكتوبر المجيد عام 1973، حين عبرت القوات المصرية قناة السويس وإستعادت جزءاً كبيراً من سيناء في ملحمة بطولية عظيمة، تُوِّجت بإتفاقية السلام وإسترداد الأرض كاملة في عام 1982.
الحاضر.. البناء والتحدي
في العقود الأخيرة، وضعت الدولة المصرية نصب أعينها تطوير سيناء وإعادة إعمارها، إدراكاً منها بقيمتها الكبرى. فقد أُطلقت مشروعات قومية كبرى في مجالات الزراعة، والصناعة، والبنية التحتية، وتم إنشاء شبكة طرق ضخمة تربط سيناء بالوادي والدلتا. كما شهدت محافظتا شمال وجنوب سيناء نهضة في قطاعات التعليم، والصحة، والإسكان.
ولم تغفل الدولة عن التحديات الأمنية في مواجهة الإرهاب، فخاضت معارك ضارية لحماية كل شبر من أرض سيناء، وتطهيرها من الجماعات المتطرفة، من أجل إعادة الأمن والإستقرار لأهلها الأبطال الذين طالما قدّموا أرواحهم فداءً لمصر.
المستقبل..بوابة التنمية والإستثمار
تتجه أنظار الدولة والمستثمرين إلى سيناء بإعتبارها بوابة واعدة للتنمية، فهي تملك موارد طبيعية هائلة من معادن ومياه جوفية وسواحل سياحية خلابة. كما تشهد خططاً لتوسيع الرقعة الزراعية، وبناء مجتمعات عمرانية جديدة، واستقطاب السكان من الوادي إلى سيناء لإعادة توزيع السكان وتخفيف الكثافة عن الدلتا.
وتُعد السياحة ركيزة أساسية في مستقبل سيناء، حيث تمتلك مدناً مثل شرم الشيخ ودهب وسانت كاترين مقومات سياحية عالمية، وتُعتبر مقصداً للسلام والروحانية، ما يؤهلها لتكون مركزاِ عالمياً للحوار بين الحضارات والأديان.
ختاماً” سيناء ليست مجرد أرض مصرية، بل رمز للصمود، ومهد للأنبياء، وبوابة للمستقبل. في ماضيها دروس، وفي حاضرها إنجازات، وفي مستقبلها آمال لا حدود لها. وكما كانت سيناء دوماـ أرضاً للفداء والتضحية، فإنها اليوم أرض للبناء والتقدم، وستظل دومًا تاجاً فوق رأس الوطن.
أقرأ التالي
2025-04-23
شمسيه لكل زائر اثناء زيارة الهرم
2025-04-23
الرئيس التنفيذي
2025-04-23
أسرى عين التمر
2025-04-22
خطوة جديدة نحو صيدلي أكثر وعيًا وتأثيرًا
2025-04-22
عقة بن أبي عقة
2025-04-22
جاب مناخيره الأرض..موروث ثقافي مصري قديم
2025-04-21
سلام على كبير السن وسلام على من يراعي كبير السن
2025-04-20
سرية بن أبي حدرد الأسلمي إلى الغابة
2025-04-20
مابين الحفاظ على هرم الجيزة الأكبر وزيادة الموارد المالية
2025-04-19
شتان بين حكام المسلمين بالأمس واليوم
زر الذهاب إلى الأعلى