مقالات
همسات الشيطان يستغيث ( ٣ )
هناء البحيرى
الطمع صفة من قديم الأزل
و بكت خضره كثيراً ثم اكملت حكايتها لمحمد و صمم أبوك أن يبيع الأرض حتى نبعد عن القرية و يتجه للتجارة لكن أعمامك ظلوا يحاربونا و يقولوا من باع أرضه باع عرضه و كان كلما جاء أحد يشتري الأرض يقفوا له بالمرصاد حتى باع والدك الأرض لهم بخسارة كبيرة و عندما قلت له لا تبيع لهم بالخسارة قال اصبري فليعوضنا الله إن شاء الله و فعلا ربحت تجارتنا بأسرع مما تتصور و كأن الله راضي عنا و منذ أن أخذوا الأرض لم يسألوا عنا و من هنا قطع صلة الرحم لكن والدك كان يذهب إليهم فى بعض المناسبات و مع كثرة عمل والدك فى التجارة أصبح عمله يشغله طول الوقت و اتفقت مع والدك على ألا نحكي لك شيء حتى لا تكره الأقارب لكن الان يجب أن تعلم كل شيء هز محمد رأسه و قال يا رب اشفي والدي حتى يراني و أنا سند له و مرت الليلة و محمد يفكر فيما حكته خضره و فى اليوم التالي ذهبوا للمشفى و قال الطبيب أن الحالة تبدوا مستقرة و لكن مدته فى المشفى قد تكون كبيرة و ظلوا يذهبوا كل يوم للمشفى و يروه من وراء الزجاج و بعد عشرة أيام سمح لهم الطبيب بالزيارة لمدة خمس دقايق كان فيها عبدالقادر يطلب من محمد أن يفتح المحلات و يستعين برضوان مساعد عبدالقادر و خرج محمد من المشفى بعد أن قرر أن يترك الدراسة و ينتبه للتجارة حتى يكون عون لوالده و مر وقت طويل حتى خرج عبدالقادر من المشفى و كان الطبيب حذرهم من أى مجهود و عاد عبدالقادر للبيت و بعد عدة أيام قال لمحمد أنه يريد أن يعود للعمل فى المحال لكن محمد حاول منعه خوفا على صحته لكن عبدالقادر صمم و قال أن الجلوس فى البيت يتعبه أكثر من العمل و عاد إلى المحال و طلب منه محمد أن يجلس على المكتب فقط و أن يقوم بكتابة الحسابات فقط و أن عليه يامر محمد فقط و إن لا يتحرك كثيراً كما طلب منه أن لا يجلس فى المحال إلا عدة ساعات صغيرة كما قام بتركيب تليفون للمحل و للبيت حتى يكون على إتصال معه لو أراد أن يسأل عن شيء و بدأ محمد يفهم فى أصول التجارة و لاحظ محمد أن فى سيدة تأتى كل فترة تجلس مع عبدالقادر لبضع دقايق و بعدها تاخذ ظرف به نقود و تقرر هذا الموقف كثيراً و كان محمد يريد أن يعرف من هذه السيدة لكن والده لم يحكي له شيء و كان محمد كلما يحاول أن يسال والده كان والده يتهرب من الأجابة حتى أن محمد شك أن تكون هذه السيدة زوجة ثانية أو ما شبه ذلك و فى يوم جاءت فتاة غاية فى الجمال و دخلت على عبدالقادر و هى تبكى و جلست معه لمدة دقيقتين بعدها قال عبدالقادر لمحمد اهتم بالمحل و أنا ذاهب مشوار ممكن أتأخر هنا شك محمد فى الامر و تأخر عبدالقادر حتى أن محمد أغلق المحال قبل عودت والده و عاد للبيت و لم يجد أمه هناك و تعجب و ظل ينتظر حتى نصف الليل و سمع محمد باب البيت يفتح فوجد والدته ترتدي ثوب أسود و شكلها مرهق و كذلك والده و سأل أين كنتم قال كنا نقوم بواجب عزاء و دخل عبدالقادر غرفته قال محمد من مات قالت خضره هذه سيدة كان زوجها يعمل عند والدك من فترة و مات و تركته و دخلت غرفتها و فى اليوم التالي ذهب محمد للمحل و بينما كان يعمل حتى سمع صوت شخص يصرخ و يستغيث فأسرع خارج المحال حتى وجد شخص ضعيف تضربه الأطفال بالحجارة صاح محمد فى وجه الأطفال و فروا فزعين جلس الشخص أمام المحل يبكي و كانت ملابسه متسخة فقام محمد بمد يده فى جيبه و أعطاه نقود و طلب منه أن يمشي بعيد عن المحل قال الشخص لاء لا أريد نقود أريد أكل حاول معه أكثر من مره حتى يمشي لكنه رفض و هنا كاد أن يتعصب عليه خرج عبدالقادر عليهم و قال مهلا يا محمد جلس عبدالقادر بجواره و سأله ماذا تريد قال جوعان و أمر عبدالقادر حامد العامل بالمحال أن يشتري له بعض من الصندوتشات و سأله عن اسمه قال حتاته قال له تعالى معى و أخذه فى ركن فى آخر المحل و جاء العامل بالاكل و سأله عبد القادر هل تريد شيء تاني بعد الاكل ضحك حتاته ضحكة بريئة ثم قال عايز شاى كشرى ابتسم عبدالقادر و قال حاضر هات يا حامد شاى و انتهى حتاته من الطعام و الشراب كل هذا يحدث و محمد يتفرج بدون كلام و نظر حتاته لهم ثم قال سلام عليكم قال له عبدالقادر لو أردت شيء تعالى خرج و هو يدعوا له و قال عبد القادر لمحمد يا بني هؤلاء الناس هم من يدخلوك الجنة لا تجعلهم غير راضين عنك و كان محمد يتعلم كل يوم شيء من أبيه و فى يوم جاءت الفتاة الجميلة مرة أخرى و جلست مع والده و بعدها نادى عليه والده و طلب منه أن يجهز لها بعض من البضاعة البسيطة و أخذتها و خرجت و لم تدفع نقود سأله محمد لماذا لم تدفع نقود قال أنها هتاكل فيها عيش و لاحظ عبدالقادر أن محمد عايز يسأل بس محرج قال والده كل حاجه تعرفها فى وقتها و ذهب محمد بجوار رضوان و قال يا عم رضوان فى حجات كتيره عايز أفهمها ضحك رضوان و قال لسه بدرى عليك و طبطب على كتفه و فى الليل جلس محمد يتذكر ما حدث طوال النهار و تذكر الفتاة الجميلة ثم طار النوم من عينيه حتى أخذ يتجول فى البيت و شعرت به خضره و خرجت له و جلست معه لتسأله ماذا بك و فكر ماذا يقول لها هل أقول لها عن السيدة التى كانت تأتي للمحل و تأخذ النقود أم أحكي عن الفتاة أم عن الظروف التى تخرج لنساء كل شهر ثم قال لاشيء قالت أنا أمك و أشعر بك و قرر أن يحكي لها عن كل شيء حتى يرتاح و عندما حكى لها كانت المفاجأة و هى يكفى اليوم غدا نكمل انتظروني
الكاتبة / هناء البحيرى
