مقالات

“مراد أحمد ” التصوير الصحفى بين جدل المهنيه والضوابط الأخلاقيه

 

اعتمد الإنسان على قدراته اللغوية من أجل نقل المشهد وإيصاله إلى من لم يحضُره، ولم يتجاوز هذه الحدود إلا مع اختراع التصوير الفوتوغرافي بأدواته القادرة على التقاط المشهد كما هو، الأمر الذي أتاح إمكان تداول الحدث، وتناقله، وإيصاله عبر عدسات المصورين، ورغم ذلك رافقت هذه التقنية الإعلامية تحديات تجاوزت الموضوعية، لتتداخل فيها المشاعر الإنسانية والضوابط المهنية كما تشهد بذلك حالات كثيرة ماتزال موضع جدل لم يُحسم.
إشكاليات أخلاقية جديدة
مع ولادة هذه التقنية الجديدة، ظهرت إشكاليات أخلاقية جديدة، بدايةً من محاولات تزوير الصور وتلفيقها، وما استتبعته من تشكيك، وصولاً إلى الخداع عن طريق تصوير جزء من الحدث وإخفاء الأجزاء الأخرى، وهناك تحدٍ آخر واجهه المصوّر نفسه، وخصوصاً في حالات الحروب والكوارث، حين يكون هدف الصورة وموضوعها هو تلك الضحية، التي قد تكون في لحظاتها الأخيرة بانتظار الموت، وكل ما تحتاجه هو إغاثة تُنجيها مما تعانيه، أما المصوّر فيكون همّه وتركيزه منصبّاً على التقاط صورة من أجل تأدية مهمته بحيادية، وأحياناً من أجل نيل الإعجاب والإشادة، أو في حالات أخرى لأجل التقدم بها لنيل الجوائز العالمية، كـ “بوليتزر”، و”وورلد بريس فوتو”

فقد كانت صوره هى شهادة على جرائم “إسرائيل” هي الصورة التي سَجَلت لحظة استشهاد الطفل محمد الدرّة، ابن الثانية عشرة، بين ذراعي والده، التي التقطتها عدسة المصوّر الفرنسي شارل إندرلان للقناة الفرنسية الثانية في الثلاثين من أيلول (سبتمبر) العام 2000، حيث نال إندرلان شهرة واسعة بعد بث تقرير القناة الفرنسية الثانية حول استشهاد محمد الدرّة على يد جنود من جيش الاحتلال، المشهد الذي اعتبر من بين أبرز مشاهد بداية انتفاضة الأقصى وأكثرها تأثيرا

رسالة أخلاقية ومهنية
وفي سياق متصل يقول المصور الصحفى محمد العلج: “التصوير الصحفي بالدرجة الأولى رسالة أخلاقية ومهنية، لكن المشكلة تكمن في كثرة الدخلاء على المهنة، وغياب الأخلاقيات في العمل الصحفي، وبروز السطحية وحب الوصول للّقطة بأي شكل”.
وعن الجانب الإنساني لهذه المهنة اشار إلى أنّ “الاحترافية بالعمل الصحفي تحتّم التدخل لإنقاذ مُصاب أو محتاج بالدرجة الأولى، والتخلّي عن اللقطة حتى لو كان فيها سبق صحفي، خاصّة إذا لم يكن هناك أحد آخر غير المصوّر في المكان، أو لم يكن هناك رجال إسعاف أو غيرهم من الناس العاديين، أما إن وجد آخرون في مكان الحدث فيمكن أن يُعذر المصور الصحافي نوعاً ما لالتقاط الصورة، لكن بشكل لا يُعيق عمل المنقذين أو المواطنين المتدخلين”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى