كتب نصر سلامة
لايزال قدماء المصريين يبهرون العالم يوما بعد يوم في شتي مختلف العلوم بانجازاتهم وتقدمهم الذي سبقوا به حضارات العالم القديم .
أشرقت شمس اليوم الأربعاء الموافق 21من شهر ديسمبر في تمام الساعة 6,30 صباحا علي معابد الكرنك مخترقة قدس الأقداس لتنير تمثال المعبود آمون وزوجتة موت الي جانب موائد القرابين وأحد قواعد تماثيل آمون رع متزامنة مع بداية اول يوم من فصل الشتاء، هذه الظاهرة لم تكن أبدا بمحض الصدفة؛ بل بدراسات فلكيه صاحبها تقدم كبير في الهندسة المعمارية لدي المصريين القدماء.

ويؤكد المؤرخ د.بسام الشماع علي هذه الظاهرة بأن تعامد أشعة الشمس علي أماكن محددة داخل المعابد عبر العصور المختلفة هو دليل علي عبقرية المصريين القدماء، وأن بمتابعة أشعة الشمس علي معابد الكرنك خلال هذه الفترة سنجدها تتوسط برجي معبد الكرنك في اليوم الثاني وكأنها تشرق بين علامة آخت وهي تعني الأفق عند المصري القديم.
ويتوازي هذا الحدث اليوم ايضا مع موقع آخر وهو قصر قارون بالفيوم، وصرح المؤرخ د. بسام الشماع
أن “معبد قصر قارون”، ليس قصرا، فالمعبد للتعبد وليس المعيشة، بالتالي تسمية “قصر” غرضها الانبهار بالمبنى الذي يشبه القصور، مثلما فعل العرب عندما دخلوا “طيبة” وعثروا على معابد كثيرة وتحف معمارية هائلة، فسموها “الأقصر”، كما أنه لا علاقة له بـ”قارون”، الذي ذكر اسمه في القرآن، وإنما له علاقة ببحيرة “قارون” الموجودة في الفيوم، والمعبد تم تشييده في الحقبة البطلمية، عندما كانت الإسكندرية عاصمة مصر.

أما فيما يخص الظاهرة، يقول الشماع، إنها تتوازى مع توقيت ظاهرة فلكية، اسمها ظاهرة “الانقلاب الشتوي”، وهي تحدث في الجزء الشمالي للكرة الأرضية على عكس الجزء الجنوبي للكرة الأرضية وفي أيام 20 و21 و22 أو 23 ديسمبر من كل عام، وهي أن أحد هذه الأيام سيكون الأقصر نهارا في السنة، وهنا سيحدث التعامد في الساعة 6:49 صباحًا بتوقيت القاهرة، وتدخل الشمس إلى المعبد، وتمر على منظر لملك، في الأغلب يكون حاكمًا بطلميًا، إلا أن تصل لـ”قدس الأقداس”، وهي غالبا آخر غرفة في المعبد، وهي أهم الغرف من الناحية الطقسية (الديانة) ومن هنا تأتي أهمية تلك الغرف، والمكرس لعبادة رب أسطوري مصري قديم اسمه “سدك رع – أو سودك رع”، وهو التمساح المقدس، لأن الفيوم كانت مشهورة بالتماسيح، لدرجة أن هناك مكانا في هذا الإقليم أطلق عليه “مدينة التمساح” وقت اليونان، وهي “كروكو ديلو بوليس”.
يتابع الشماع حديثه مفسرا الظاهرة، بقوله: “قدس الأقداس في معبد قارون، هو عبارة عن 3 مقاصير (مقصورة يسار، ومقصورة وسطى، ومقصورة يمين)، وهنا تحدث ظاهرة فلكية أخرى، تعبر عن عبقرية المصري القديم، فالشمس تتعامد على المقصورة اليمنى والوسطى، ولا تنير المقصورة اليسرى، وهذا ليس خطأ فلكيا، وإنما فسرها عالم، بأن هذه المقصورة اليسار كانت مخصصة لـ(التمساح الأسطوري المحنط)، ومن هنا كان التصميم متعمدا ألا تدخل الشمس إلى المقصورة اليسرى حتى لا تتلف المومياء، كما أن هناك نظرية أخرى تفسر ذلك، وهي أن شروق الشمس في مصر القديمة كان بداية الحياة، والمومياء المحنطة بداية رحلة الموت، ولذلك لا تأتي لها الشمس”.
وعن الاختلاف بين ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبد أبو سمبل، وتعامدها على “قدس الأقداس” بمعبد “قارون”، فقال: “هناك عبقرية فلكية في الحالتين، ولكن في أبوسمبل هناك عبقرية أخرى لا بد أن تذكر، أن المعبد الرئيسي للملك رمسيس الثاني، منحوت في الجبل في النوبة العظيمة، وليس مشيدا أو مبنيا، أما قصر قارون فمشيد، ولذلك فهي عبقرية للعامل المصري القديم من الناحية المعمارية، التي صممت من أجلها المتحف، فسمحت لدخول الشمس دون أن ينكسر شعاعها لـ60 مترا داخل المتحف، لتصل للتعامد على وجه رمسيس الثاني“، مشيرا إلى وجود مناسبات أخرى غير هاتين الحالتين لتعامد الشمس، منها تعامد الشمس على كتف أبوالهول، وهناك في الأقصر، ينتصف قرص الشمس بين صرحي معبد الكرنك ثلاثة أيام في العام.
وهكذا تبقي الحضارة المصرية متوهجة ومتجددة بعلومها وتفوقها في مختلف المجالات التي لاتزال تبهر العالم .
أقرأ التالي
2025-04-24
رسالة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لعامَّة المسلمين في مصر عند استخلافه
2025-04-24
لجنة للدراما بتوجيه رئاسي “80 باكو” والحياء
2025-04-23
مشيرة موسى تكتب ” ملهاش إعادة .. عيشها بسعادة “
2025-04-23
شمسيه لكل زائر اثناء زيارة الهرم
2025-04-23
الرئيس التنفيذي
2025-04-23
أسرى عين التمر
2025-04-22
خطوة جديدة نحو صيدلي أكثر وعيًا وتأثيرًا
2025-04-22
جولة تفقدية لمستشاري رئيس الجمهورية بمنطقة الهرم الأثرية
2025-04-22
عقة بن أبي عقة
2025-04-22
جاب مناخيره الأرض..موروث ثقافي مصري قديم
زر الذهاب إلى الأعلى