مقالات

بين لص اليوم ولص الأمس ( أخلاق اللصوص )

د.صالح العطوان الحيالي
الفرق كبير جدا بين لص اليوم الذي يسرق ويقتل وبين لص الأمس الذي إذا تذوق ملحا خرج ولم يسرق .. ذكر ابن أبي جمرة في كتابه بهجة النفوس والاحداق فيما تميز به القوم من الآداب والأخلاق…
يُحكى عن “الشاطر حمور” كبير اللصوص زمن “السلطان قايتباي” أنه أقتحم وعصابته دار تاجر كبير أسمه “المرجوشي” .
فوجده في غرفة نومه هو وزوجته.
فقال اللص “حمور” لـ “المرجوشي” «أستر أهل بيتك نحن اللصوص.»
فقام “المرجوشي” وستر زوجته ثم قال لـ “حمور”
«خذ ما تريد ولا تقـ.ـتلنا.»
فقال “الشاطر حمور” :
«لن نقـ.ـتلك وما أتينا للقـ..ـتل، فقط نريد الطعام ليومنا هذا.»
فقال له التاجر : «كم أنتم»
فقال : «9 صبيان وأنا»
فأخرج لهم 10 آلاف قطعة نقدية1000 لكل واحد .
فقال له اللص “حمور” :
« لا نأخذ إلا ما نحتاج له فقط »
وأخذ 1000 قطعة وأعطى التاجر الباقي 9000 قطعة.
وبينما اللصوص في طريقهم للإنسحاب من الدار لاحظ أحد اللصوص الصبيان علبة كانت تسمى (حُقْ) فطمع فيه اللص وأخذه وفتحه وتذوقه فوجده ملح.
فقال “الشاطر حمور” :
«بما أنك أكلت من بيت الرجل ملح فلا يحق لنا أن نسرقه »
وأمر الصبيان بجمع المال وردّه كله إلى التاجر الذي أصر عن طيب نفس أن يعطيهم 400 قطعة ….فرفض اللص “حمور”… فنزل التاجر إلى 100 قطعة …فزاد إصرار اللص… فأراد التاجر أن يعطيهم طعام… فأنفعل اللص ورفض مجرد مناقشة التفاوض مع التاجر.
‏وخرج اللصوص دون أخذ لقمة من بيت التاجر بسبب حبة ملح أكلها أحد صبيانه لأن العرف وقتها أن من أكلت طعامه فلا حق لك عليه أن تؤذيه ولو كنت لصاً.
ومن شربت ماء من بيته أو ألقيت عليه السلام ورد عليك فلا يحق لك أن تسرقه او تؤذيه ولو كنت لصاً.
وبعد يا سادة تلك كانت أخلاق اللصوص زمااااان.
فكيف أخلاق اللصوص زماننا ؟؟؟
بل كيف أخلاقنا نحن مقارنة بأخلاق لصوص زماااااان ؟؟؟!!! .
المصدر :
كتاب “بهجة النفوس
والأحداق فيما تميز به القوم من الآداب ‏والأخلاق” : لابن أبي جمرة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى