مقالات

إنكار الذات

محمد محمود مهدي
أن تتخلص من حب النفس ولا تهتم بثناء أو مدح وتقدم غيرك على نفسك من أجل قضية ما فأنت بذلك تسمو إلى أعلى الدرجات وتزاحم شخصيات حفرت سيرتها في كتب التاريخ وسطرت بأحرف من ذهب .
وفي زماننا هذا قل من ينكر ذاته ويلقي بحب النفس جانبا ، بل نجد من يسعى بكل ما أوتي من قوة لكسب الرياء وحصد الشهرة والأضواء حتى ولو كان مجدا زائفا ، وحتى لو سرق مجهودات غيره لينسبها إلى نفسه .
فمتى نتخلص من تلك الصفة الدنيئة التي فاضت علينا وطفح الكيل منها خاصة بعد انتشار ما يسمى بالسوشيال ميديا ؟
أقول لكم سنتخلص من تلك الآفة إذا قرأنا تاريخنا الذي يعج بالشخصيات التي فاقت أعمالها الخيال وضربت أروع أمثلة إنكار الذات .
من هؤلاء الأبطال الأمير أبو بكر بن عمر اللمتوني أمير دولة المرابطين الذي ترك زعامة الدولة الناشئة لابن عمه يوسف بن تاشفين وقضى ثلاثة عشر عاما يدعو لدين الله في غرب وجنوب غرب إفريقيا واستطاع أن ينشر الإسلام في ثلث القارة الإفريقية ليعود بعدها ليجد نائبه وقد حول الدولة الناشئة لدولة قوية يشار إليها بالبنان فماذا فعل هذا البطل ؟
هل طلب منصبه ؟ هل قال ها أنا ذا ؟ أنا حاكم الدولة .
لا وألف لا فقد تنازل هذا البطل عن حكم الدولة ليوسف بن تاشفين عندما رأى فيه الحنكة والسياسة وأنه أجدر بالحكم منه ورجع للاستمرار فيما بدأه من نشر الإسلام في إفريقيا وضم البلاد إلى حكم المرابطين تحت قيادة ابن عمه يوسف بن تاشفين .
ومن أساطير إنكار الذات أيضا ذلك الفارس الملقب بصاحب النقب فما هي حكايته ؟
عندما كان مسلمة بن عبد الملك بن مروان يحاصر حصنا منيعا من حصون الروم وطال الحصار دون فائدة رمى بطلا من أبطال إنكار الذات نفسه في حضن الموت واستطاع أن ينقب نقبا في أسوار الحصن ويفتح الحصن بفضله وتوارى البطل عن الأنظار وأجهد القائد مسلمة في البحث عنه وفضل إنكار الذات ولم يفصح عن نفسه .
ونختم مقالنا بأسطورة معاصرة ضرب مثلا من أمثلة إنكار الذات وخالف أفعال الكثير من الزعماء فمن المعتاد أن نرى مشروعات قومية أو شوارع تحمل اسم رئيس الدولة ، ومن المعتاد أيضا أن نرى صور الرئيس في المصالح الحكومية إلى أن جاء هذا البطل ليخالف المعتاد ويعلمنا درسا من دروس إنكار الذات وخالف ما فعله السابقين له رغم آلاف المشاريع والانجازات التي صنعها إنه الزعيم القائد عبد الفتاح السيسي رئيس أم الدنيا .
فهل نقتدي بهؤلاء في حياتنا ونتعلم إنكار الذات ؟ أم سيستمر مسلسل حب النفس وحب الشهرة وركوب التريندات ؟
 
 
 
 
 
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى