أول يوم في الخذلان
بقلم وليد محمد حسني
إن الشعور بالخذلان واحد من أصعب المشاعر التي تمر على الإنسان وما أقسى هذا الشعور خاصة عندما يكون من قريب أو صديق أو حبيب . و الأصعب هو أن يكسرك من حاولت ترميمه. أعلم جدا قسوة هذا الشعور ومرارة الأيام والليالي وجراح الطعنات ولكن … ماذا بعد ؟ نعم ماذا بعد الخذلان والطعنات والجراح والاهات. هل ستتوقف الحياة ؟
تأمل معي هذا المشهد وهيا نعود بالزمن قليلا
( تعلقت عيناه به وهو يتحدث وكأنه يستمد القوة منه ثم يدور بعينيه ملتقيا بأعينهم ثم يعود إليه ثانية
انتهى من كلامه وتركهم صامتين كأن على رؤوسهم الطير
هل كانت الصدمة ؟ أم محاولة للعثور على رد مناسب ؟ ولكن كيف وهم أهل الفصاحة كلها ؟ !!!
نظر إليه ثانية وهنا نطق وكسر حاجز الصمت
وبكبرياء الزعماء وغضب الحاقدين قال جملته المشهورة
« تبا لك آ لهذا جمعتنا »
هكذا بسخرية يغلفها الغضب قالها بلسانه ولكنها كانت كالطعنة التي تأتي في الظهر
هكذا قالها دون مراعاة للمشاعر … دون تنسيق للكلام … دون ذكر محاسن له …. دون ذوق …. هكذا بشكل مباشر وكأنه حجر ألقي في وجهه.
كان هو الرسول الكريم صاحب المكانة الأخلاقية الرفيعة بين قومه صاحب السمعة الطيبة الذي لم يروا منه إلا كل خير
أطلقوا عليه لقب ( الصادق الأمين ) وها هو ذا عمه الذي بمثابة أبيه الذي مات قبل ان يراه.
هل كان يتوقع منه الدعم … السند … التعاطف مع أول مواجهة علنية ؟
كان يعلم بطباعه القاسية بعض الشيء ولكن هل يصل به الأمر إلي هذا الحد … السب والسخرية أمام الناس )
ما هذا الخذلان … !!!!
هكذا في اول يوم تصيبه هذه اللطمة القوية في قلبه من أقرب الناس له …
هل كان يجب أن يحدث هذا ؟ لماذا كتب الله ان يحدث هذا في اول يوم في الدعوة العلنية ومواجهة الناس بشخصيته الجديدة …. شخصية النبي ؟
هل كان لابد من هذا الخذلان وهذه الضربة النفسية القاسية ؟
الإجابة انت تعرفها جيدا
نعم يا صديقي … كان لابد من هذا حتى يشتد صلبه ويعلم أن هذه هي الدنيا وهذه هي طبيعة البشر يجرون نحو مصلحتهم الشخصية دون اعتبار لقريب او غريب
يجب ان يعرف النبي أن الأمر ليس سهلا ولن يكون
فأنا وانت من الممكن ان نتعرض لمثل هذا الموقف
ولكن لا تنسى ان حقك لن يضيع وهذا الإحراج الذي أصابك والهم الذي حملته لن يمر هكذا فهناك إله يرى ويسمع و …..
يجبر بخاطرك
أتذكر من قال للنبي « تبا لك »
قال له الله عز وجل « تبت يدا أبي لهب وتب »
صديقي الجميل الذي تعرض يوما ما للخذلان من اقرب الناس لك في رسول الله الأسوة والقدوة
انتظر عجائب ربك وكيف يجبر بخاطرك
المهم تعلم الدرس جيدا وابحث عن الحكمة
يقول د. أحمد خيري العمري في كتابه لا نأسف على الازعاج :
( ولقد كانت طعنتك مؤلمة يا صديق.
مؤلمة جداً..
ربما لأنها أتت منك أنت بالذات..
لكني لن أسقط في دوامة لومك.. (قل هو من عند أنفسكم).. لابد أني أخطأت في شيء ما.. ربما أخطأت في إختيارك أصلاً.. أو بالغت في الثقة بك.. ربما أخطأت بأن كشفت ظهري لك..
لابد أن ما حدث كان نتيجة رؤية قاصرة مني..
كانت طعنتك مؤلمة يا صديق، ولأنها كانت كذلك، فسأحرص على أن لا تُشفى تماماً، أريد من الجرح الذي نتج عن طعنتك أن يترك أثراً في ظهري، ندبة تذكرني بكل ما كان، تعلمني أن لا أنسى، أن أدقق أكثر في اختياراتي، أن أقنن من ثقتي بالآخرين، أن لا أترك ظهري مكشوفاً لهم..
سأجعل من أثر طعنتك نُصباً تذكارياً يذكرني دوماً بما كان، نُصباً تذكارياً يحذرني من أن أكرر ما فعلت، نُصباً تذكارياً يجعلني أواجه أخطائي.. وفي الوقت نفسه، يذكرني أن لا أفقد ثقتي بالجميع لمجرد أنك أنت قد طعنت..
ومن يدري، ربما ذات يوم، سأنظر إلى أثر طعنتك، فأبتسم، وأقول لك: شكراً يا صديق.. )
في حياة كل منا هزيمة ما، طعنة ما..
المهم هو، ماذا سنفعل، في اليوم الذي يلي هذه الطعنة ؟