قصة

الذي يمد رجله لايمد يده

د.صالح العطوان الحيالي
كثير هم الطغاة والظلمة الذين مروا في تاريخ الأمة الإسلامية وكثير هم العلماء المخلصين اصحاب العزة والشهامة الذين رفضوا مساومة أصحاب الباطل واغراءاتهم وثبتوا على دينهم ومبادءهم وموضوعنا اليوم عن عالم إسلامي كبير علم الطغاة درسا في عزة المسلم لعل في هذا عبرة وعظة لكل مسلم وخاصة المنهزمين والمنبطحين الذين باعوا الدين والعرض والأرض بدراهم معدودة .
دخل إبراهيم باشا بن محمد علي(حاكم مصر) الى المسجد الأموي في وقتٍ كان فيه عالم الشام الشيخ سعيد الحلبي يلقي درسًا ومرَّ من جانب الشيخ، وكان مادًّا رجله فلم يحركها، ولم يبدِّل جلسته، فاستاء إبراهيم باشا المعروف ببطشه، واغتاظ غيظًا شديدً، وما أن وصل قصره حتى التف حوله المنافقون من كل جانب، يزينون له الفتك بالشيخ، وما زالوا يؤلبونه حتى أمر بإحضار الشيخ مكبلا بالسلاسل، وما كاد الجند يتحركون، حتى غيَّر رأيه، فقد كان يعلم أن أي إساءة للشيخ ستفتح له أبواباً من المشاكل لا قِبل له بإغلاقها، وهداه تفكيره إلى طريقة أخرى، طريقة الإغراء بالمال، فإذا قَبِله الشيخ فكأنه يضرب عصفورين بحجر واحد، يضمن ولاءه، ويسقط هيبته في نفوس المسلمين.
وأسرع إبراهيم باشا فأرسل إلى الشيخ ألف ليرة ذهبية، وهو مبلغ يسيل له اللعاب في تلك الأيام، وطلب من وزيره أن يعطي المال للشيخ على مرأى ومسمع من تلامذته ومريديه، وانطلق الوزير، واقترب من الشيخ وهو يلقي درسه، فألقى السلام، وقال للشيخ بصوت عالٍ سمعه كل من حول الشيخ: هذه ألف ليرة ذهبية، يرى مولانا الباشا أن تستعين بها على أمرك.
فَنَظَر الشيخ نظرة إشفاق نحو الوزير، وقال له بهدوء وسكينة: يا بُنَيّ، عُدْ بنقود سيدك وقُلْ له:
(إن الذي يمدُّ رجله، لا يمد يده)
المصادر
زياد ابو غنيمة
موسوعة الأخلاق والزهد
مدونة الشيخ جواد عبد المحسن
د. زيد خضر
من كتاب قصص من التاريخ للشيخ علي الطنطاوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى