الإنسانيةُ بينَ زيفِ الحالِ والمالِ
مقال مشترك بقلم
الأديب محمد ديبو حبو
والأديبة غادة مصطفى
بلغَ المال بالإنسان حدَّ الغواية حتى تعثّرت سحب الإنسانية وضلّت طريقها بين واقع الحال والتهالك من أجل الحصول على المال الذي أضحى المعشوق الأوّل لمعظم البشر بغض النظر عن كيفية الحصول عليه ومن أي مصدر..
و للأسف بات ذلك الواقع الذي نعاني منه في الوقت الحاضر لوحة تنبئ بمستقبلٍ فاشل. إنّ أولى لوحات ضياع المبدأ الإنساني وانهياره أمام المال هو ما نشاهده مصغراً ضمن العائلة. على سبيل المثال نرى صوراً تجسد شخصية الفرد المتمرد على باقي أفراد العائلة و شخصية أخرى للفرد الضعيف و الذي يعكس حالة من التخبط
واللا مسؤولية حيال ما يحدث ..وتزداد فعالية هذا التخبط في حال وفاة الأب مع بدء مراسم توزيع الميراث فيما بينهم وقد يتحول إلى صراع حقيقي لا أحد يتنبأ بمستواه وتأثيره السلبي على الأسرة والمجتمع.
هناك بعض الحالات الاستثنائية الإيجابية النادرة التي تعكس رؤية مجموعة من الأفراد محدودة العدد تتمتع بثقافة متميزة و رؤية حكيمة وأهداف ناضجة تنطلق من ركائز أخلاقية تعتمد على أسس دينية وفكرية وثقافية ذات رسالة إنسانية نبيلة .
أمّا بالنسبة للصراع القائم بين أفراد المجتمع و الذي يشكل منعطفاً خطيراً للغاية فإن اختفاء معالم المعاملة الإنسانية بات ظاهراً في كل مكان وطبعاً السبب هو التهالك للحصول على المال. و ربّما يكون عصر العولمة المبني على أسس تجارية بحتة و التي تفتقر لأي جوانب إنسانية نبيلة هو المبعث الرئيس لغياب الإنسانية واختفاء الرحمة. هذا بالإضافة إلى أنّ الأولوية في عالم صراع المصالح هو للأقوى في حسابات عصر العولمة وأي تكتل اقتصادي يسقط يخرج من هذا الصراع ويبدأ رحلة المتاهة من جديد ..بحيث أنّ معادلة الصراع من أجل كسب المال هنا لا تتدخل فيها عناصر إيجابية فلا مكان للقيم والمبادئ والأخلاق، وبهذا يتحول المبدأ إلى أنا ومن بعدي الطوفان. بها تصبح المصالح أولاً وأخيراً
و هناك صور أخرى أكثر سلبية وتشويهاً للمعاني الإنسانية عندما نرى صراع بين الأم وأبنائها من أجل الحصول على المال.. صراع يقودنا نحو مصير مجهول لا نعلم خفاياه وتأثيره السلبي على الأسرة والمجتمع.