مقالات

من ابرز القادة المسلمين (سيف الله المسلول خالد بن الوليد )

د. صالح العطوان الحيالي
هو “أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة”، ينتهي نسبه إلى “مرة بن كعب بن لؤي” الجد السابع للنبي صلى الله عليه وسلموأبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وأمه هي لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية، وقد ذكر ابن عساكر – في تاريخه – أنه كان قريبًا من سن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أما أبوه فهو عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي وكان ذا جاه عريض وشرف رفيع في قريش، وكان معروفًا بالحكمة والعقل؛ فكان أحدَ حكام قريش في الجاهلية، وكان ثَريًّا صاحب ضياع وبساتين لا ينقطع ثمرها طوال العام.
تعلم خالد بن الوليد الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرِّ والفرِّ.
واستطاع خالد أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله فارس عصره بلا منازع.
شاهد الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء قتاله للمشركين أن خالد بن الوليد يتمتع بشخصية قيادية متميزة وفكر عسكري عميق، فكان يرجو أن يستفيد المسلمون من هذه الطاقة في حركة الجهاد الإسلامي؛ فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يسأل عن خالد ؛ قال ابن سعد رحمه الله: وكان خالد من فرسان المشركين وأشدائهم… ثم قذف الله في قلبه حب الإسلام لما أراد الله به من الخير ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام القضية مكة؛ فتغيب خالد؛ فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخاه؛ فقال: ” أين خالد؟ ” ثم قال: “… ما مثل خالد يجهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين على المشركين؛ لكان خيرا له، ولقدمناه على غيره “))
* وكان هذا من أسباب مجيء خالد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإسلامه، وقد كان سيدنا خالد ابن الوليد يتمتع بعقلية عسكرية فذة ونادرة مما أهله ليتبوأ هذه المكانة العالية في قيادة الجيوش الإسلامية،
* وقد ذكر صاحب كتاب ( القيادة العسكرية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ) الصفات القيادية التي كان يتحلى بها خالد بن الوليد رضي الله عنها ومنه:
القدرة على إصدار القرار الصحيح والسريع، والإدارة القوية الثابتة، وتحمل المسئولية، وثبات النفس، وبُعْد النظر، ومعرفة النفسيات والقابليات، والثقة والمحبة المتبادلة بينه وبين جنوده، وقوة الشخصية، والماضي المجيد الذي كان يتمتع به، والشجاعة والقابلية البدنية، ومعرفة وتطبيق مباديء القيادة والتي تتلخص في: اختيار المقصد وإدامته، والتعرض، والمباغتة، وحشد القوة، والاقتصاد بالمجهود، وتطبيق مبدأ الأمن من أجل المحافظة على سلامة قواته، والمرونة، والقدرة على تأمين التعاون بين صفوف قطعات الجيش من جهة، وبين تشكيلاتها التعبوية من جهة أخرى في يسر وسهولة، وإدامة المعنويات، ويقوم هذا المبدأ على دعامتين رئيسيتين هم: الثقة المتبادلة والإيمان الراسخ، والأمور الإدارية وخفة الحركة، والمحافظة على الهدف.
في غزوة مؤتة وبعد أن استشهد القادة الثلاثة (( قدَّر خالد رضي الله عنه بفكره العسكري المتميز خطورة الموقف الذي يتعرض له المسلمون في هذه المعركة، فآثر الانسحاب بالجيش دون أن يعلم الأعداء بهذا التدبير.
وقد ابتكر رضي الله عنه خطة حربية تقوم على الايهام والخداع، لتحقيق هذا الهدف. وقد ذكر أهل المغازي والسير تلك الخطة الحربية ولخصها أحد القادة العسكريين المعاصرين بأسلوب عسكري يبرز مدى ما يتمتع به خالد من عبقرية عسكرية متميزة.
قال اللواء الركن محمود شيت خطاب: لقد قاتل يومه قتالا شديد، فلما أظلم الليل غير نظام جيشه فجعل مقدمته ساقته، وساقته مقدمته، وكذلك فعل بالميمنة، والميسرة، أي أنه سحب جيشه من ساحة المعركة وأبقى ساقته تحمي الانسحاب، نشر هذه الساقة؛ ليحتل فرسانها مساحة شاسعة من الأرض، وأمرهم أن يحدثوا أصواتا مرتفعة بما لديهم من أبواق وطبول وأدوات حربية وإثارة الغبار بالخيل تدور بسرعة في دوائر ضيقة، كل ذلك جعل الروم لا يشعرون بانسحاب قوات القسم الأكبر من المسلمين ليلا، من جهة، ويعتقدون أن إمدادات قوية جاءتهم ليلا، لهذا لم يقدم الروم على مطاردة المسلمين فَسَهَّلَ ذلك على خالد مهمته في سحب رجاله من ساحة المعركة بأمان، ودون أن ينقلب الانسحاب إلى هزيمة، كما سهل عليه مهمة سحب الساقة التي سترت انسحاب القسم الأكبر من قوات المسلمين وذلك بعد أن اطمأن إلى أن القسم الأكبر من قواته قد وصل إلى مأمنه. ومع ذلك لم يكن سحب الساقة سهل، لأنها كانت بتماس شديد بالعدو،من جهة، ولأنها كانت تشغل منطقة واسعة من الأرض من جهة أخرى. ))
المصادر
الإعلام للزركلي
الطبقات لابن سعد
اللواء الركن محمود شيت خطاب .القيادة العسكرية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم
تاريخ بن عساكر
سبائك الذهب للسويدي
صفة الصفوة لابن الجوزي
المباركفوري الرحيق المختوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى