“المقترح المصري 2015 : نحو تحالف عربي للقضاء على التحديات المشتركة”
بقلم: خالد عبدالحميد مصطفى
شهد العالم العربي خلال العقدين الأخيرين تحديات كبيرة أثرت على إستقراره وأمنه وسلامته وهويته. من النزاعات الداخلية إلى التدخلات الخارجية، حيث تعرضت الدول العربية لأزمات متتالية هددت إستقرارها ومكانتها على الساحة الدولية.
في هذا السياق، برزت فكرة التحالف العربي كأحد الحلول الممكنة لإستعادة الكرامة العربية وتعزيز مكانة الدول العربية على المستوى الدولي. هذا ما دفع مصر إلي إعلان ضرورة قيام تحالف عسكري عربي. في عام 2015، حيث دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة تشكيل “قوة عربية مشتركة” لمواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة في المنطقة، خاصة مع تزايد التوترات في دول مثل اليمن وليبيا وسوريا والسودان وغيرها من الدول التي طالتها أيادي التخريب الخارجية. هذه الدعوة جاءت خلال قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في شرم الشيخ في مارس 2015، وحظيت بدعم مبدئي من الدول الأعضاء في الجامعة، وكان الهدف من هذه القوة المشتركة كان تعزيز التعاون العسكري بين الدول العربية لمواجهة التهديدات المشتركة وتحقيق الإستقرار في المنطقة. وعلى الرغم من الدعم المبدئي، لم يتم تنفيذ هذا الاقتراح بشكل كامل بسبب التحديات السياسية واللوجستية التي واجهت هذه المبادرة. هذا الاقتراح يعكس التزام مصر بدورها القيادي في المنطقة ومساعيها لتعزيز الأمن الإقليمي من خلال التعاون العسكري بين الدول العربية. ويشير إلي رؤية مصر المستقبلية بما يُحاك للدول العربية من تدمير وتفكيك وإضعافها وإذلالها حتى تكون خاضعة لأي مخطط غربي ماسوني يسعى إلي جعل إسرائيل قائدة ورائدة في الشرق الأوسط. يشير هذا التحالف العربي إلى التعاون بين الدول العربية في مجالات متعددة تشمل السياسية والمجال العسكري والإقتصادي والثقافي والدفاع والحفاظ على الهوية العربية ويهدف إلي تحقيق أهداف مشتركة تخدم المصالح القومية العربية. هذا التحالف يمكن أن يأخذ أشكالاً متعددة بدءاً من الإتفاقيات الثنائية إلى التكتلات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي.وقيام التحالف العربي يعمل أيضاً على تعزيز الإستقلال السياسي، حيث يمكن أن يشكل قوة دافعة لإستقلالية القرار السياسي للدول العربية، مما يقلل من التدخلات الخارجية ويعزز السيادة الوطنية العربية. وفي ظل التهديدات المتزايدة من الإرهاب الخارجي والصراعات الإقليمية التي تتبناها أجندات دول غربية وُصِفٓتٔ بأنها العمود الفقري للشيطان. يمكن للتحالف العسكري بين الدول العربية أن يعزز الأمن والإستقرار في المنطقة العربية، ويتيح مواجهة هذه التحديات الأمنية بشكل جماعي، ويدعم التعاون الإقتصادي بشكل كبير من خلال إنشاء أسواق مشتركة وتسهيل حركة التجارة والإستثمارات. هذا التكامل الإقتصادي يسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة للمواطنين العرب. وأيضاً يساعد على الحفاظ على الهوية الثقافية: من خلال التعاون في المجالات الثقافية والتعليمية، حيث يمكن للدول العربية أن تعزز هويتها الثقافية المشتركة وتدافع عن لغتها وتاريخها في مواجهة التحديات الثقافية الخارجية. هناك أمثلة على تحالفات عربية قائمة مثل مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يشكل نموذجاً للتعاون الإقليمي الناجح في مجالات الإقتصاد والدفاع والأمن.وعلى الرغم من الفوائد المحتملة للتحالف العربي، هناك العديد من التحديات التي تعترض طريقه، مثل:
التباينات السياسية مثل الإختلافات في الأنظمة السياسية والمصالح القومية قد تعرقل تحقيق تعاون فعّال بين الدول الأعضاء.
والتدخلات الخارجية التي تسعى إلى تحقيق مصالحها في المنطقة قد تعيق الجهود الرامية إلى تعزيز التحالف العربي العربي.
وأيضاً القضايا الداخلية مثل النزاعات الداخلية في بعض الدول العربية قد تحول دون المشاركة الفعالة في التحالفات الإقليمية.
يمكن القول إن التحالف العربي يمثل أحد الحلول الممكنة لإستعادة الكرامة العربية وتعزيز مكانة الدول العربية على الساحة الدولية. من خلال التعاون السياسي والعسكري والإقتصادي، يمكن للدول العربية أن تواجه التحديات المشتركة وتحقق أهدافها القومية. ومع ذلك، يتطلب تحقيق هذا الهدف مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بروح من الوحدة والتضامن العربي. لابد من دعم المقترح المصري إلي ضرورة قيام تحالف عربي حتى لا يتكرر سيناريو أحداث فلسطين التي يُباد فيها شعب أعزل أمام أعين الجيوش العربية، هذا الإعتداء الإسرأمريكي الذي وصف الدول العربية بالخزي والعار والضعف والإذلال والتبعية بل وصولاً إلي العبودية . لابد أن تُعيد الدول المُطبِّعة مع الكيان الإسرأمريكي النظر في موقفها الحالي مقارنة بمواقفها المشرفة عبر التاريخ عندما كانت قوة واحدة، وكيف كان ملوك ورؤساء وزعماء الغرب مزلولين أمام هذه القوة العربية التي لا تُقهر . لابد من العودة إلي سرعة قيام إجتماع طارئ لجامعة الدول العربية وإعلان قيام تحالف عربي عربي لمواجهة الإحتلال الغربي للدول العربية، والقناعة التامة بأن عدم قيام تحالف عربي قوي ومستدام يمكن أن يؤدي إلى عدة عواقب سلبية على الصعيدين السياسي والإقتصادي، وكذلك على مستوى الأمن والإستقرار في المنطقة.
وفيما يلي يمكن أن نوضح بعض هذه العواقب التي قد تنتج من عدم إتمام هذا التحالف مثل :
“الضعف السياسي” حيث يظل العالم العربي ضعيفاً في مواجهة القوى العالمية الكبرى، مما يؤدي إلى نقص في التأثير على الساحة الدولية في القضايا الإقليمية والعالمية.
“التشرذم الإقتصادي” حيث يؤدي إلي غياب التكامل الإقتصادي بين الدول العربية ويؤدي إلى فقدان فرص النمو والتنمية الإقتصادية، بالإضافة إلى عدم الإستفادة من الموارد المشتركة بشكل فعال. كذلك”الأمن الإقليمي ” فعدم وجود تحالف أمني عربي قوي يترك الدول العربية عرضة للتهديدات الخارجية والداخلية، مثل الإرهاب والنزاعات الإقليمية.
أيضاً “النزاعات الداخلية” حيث يساهم غياب الوحدة في زيادة النزاعات الداخلية بين الدول العربية، مما يؤدي إلى زيادة التوترات
والإنقسامات السياسية والطائفية. وأيضاً يؤدي إلي الفشل في إنشاء تحالفات تدعم التنمية البشرية حيث يؤدي إلى تدهور الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، مما يؤثر سلباً على رفاهية الشعوب العربية.
ومن أكبر هذه العواقب هو “الإستقلالية” حيث تبقى الدول العربية تعتمد بشكل كبير على القوى الخارجية في مجالات متعددة مثل الدفاع والتكنولوجيا، مما يحد من إستقلاليتها وسيادتها. كذلك “التدهور البيئي” حيث أن عدم التعاون الإقليمي في معالجة القضايا البيئية يؤدي إلى تفاقم المشاكل مثل ندرة المياه والتصحر والتلوث.
باختصار، عدم وجود تحالف عربي قوي يؤدي إلى تراجع في العديد من المجالات الحيوية، مما يؤثر سلباً على إستقرار وإزدهار الدول والشعوب العربية.
في ختام هذا المقال، تتضح ضرورة عودة المقترح المصري حول تأسيس تحالف عربي عربي كخطوة حتمية لتحقيق التكامل العربي.
إن توحيد الجهود العربية يعزز من قدرة الدول العربية على مواجهة التحديات الإقتصاديةوالسياسية والأمنية المشتركة، ويسهم في تعزيز الإستقرار والتنمية في المنطقة. تكامل الجهود وإستثمار الموارد المشتركة يسهم في تحقيق نهضة شاملة، تدعم مستقبل أفضل للأجيال القادمة وتحقق الأهداف المشتركة للأمة العربية. لذلك، فإن العمل الجاد والمستمر على إقامة هذا التحالف العربي العربي يُعد خطوة إستراتيجية نحو مستقبل أكثر ازدهاراً وإستقراراً.