حكايَةُ زيتونة.. صمودٌ في وجه الغدر والتدمير
بقلم/ د. أسامة مصاروة
حكايَةُ زيتونةٍ
نظرتْ إليهِ حزينةً متألّمة،
أمريضةٌ هيَ أمْ أنّها متوهّمة؟
لكنّ حالتَها بدتْ مُتأزّمة،
ولَعلّها بدتْ لهُ مسْتسْلِمة.
*****
لا، ليسَ هذا طبعَها كمناضِلة،
كمْ واجَهت أعتى الغزاةِ مقاتلة،
صمدَتْ وما زالتْ تقاومُ باسلة،
لولا خيانةُ حاكمينا السافلة.
*****
وقفتْ تُسائلُ نفسَها عن شعبِها:
ماذا عساهُمْ فاعلونَ لأجلِها؟
أَتُراهمُ راضونَ عن أحوالِها؟
عنْ صمتِ أمَّتِها وشدّةِ ذلِّها؟
*****
“ما لي أراكِ حزينةً هذا الصباح،
يا منْ صمدْتِ أمامَ أهوالِ الرياح،
ما زلتِ سيّدةَ الفيافي والبطاح،
ما لي أراكِ كطائرٍ فقدَ الجناح؟”
*****
“أنظرْ إلى زمني وقلْ لي من أنا،
أأنا أنا وعلى المدى وطني هنا؟
وإذا استَمرّوا بالتوسّعِ والخَنا،
هل في الدُنى عيشٌ لمنْ قدْ أذعنا؟
*****
قلْ لي بربِّكَ هل سيبقى عندَنا
شرَفٌ إذا خُنّا جميعًا عهدَنا؟
لمَ لا نواصِلُ أو نُجدّدُ مجدَنا؟
لمَ ننْدُبُ الماضي ونسلخُ جلْدَنا؟”
*****
“ما لي أرى أُمّي مُعذّبةَ الفؤادْ،
وهِيَ التي ملكتْ نجادًا أو وِهادْ؟”
“أيَسرُّ عينَكَ أن ترى حالَ البلادْ؟
كيفَ التمنّي والعروبةُ في رُقادْ؟”
*****
“أُماهُ، لا تتوقّعي خيرًا كثيرْ
من حاكمٍ، ملكٍ وحتى منْ أميرْ،
فجميعُهمْ خَلعوا عباءاتِ الضميرْ،
وتدثّروا بِرِداءِ عبْدٍ أو أسيرْ.”
*****
ومعَ انْسِدالِ ظَلامِ تلكَ الليلَةِ،
خرجَ الغزاةُ بغدْرِهِم للتلَّةِ،
مثلَ الأفاعي الزاحفاتِ كثُلّةِ،
تبغي الشرورَ لغيرِها وبذلّةِ.
*****
وصلوا إليها بكلابِهم وفؤوسِهمْ،
والحقدُ طاغٍ ذاهبٌ برؤوسهمْ،
أمّا الجنونُ فذاهبٌ بنفوسِهمْ،
والغلُّ ديْدَنُهمْ وملءُ كؤوسٍهم.
*****
أشجارُ زيتونٍ هَوَتْ وَتحطّمتْ،
وبيوتُ عزٍّ مثلَها تهدّمتْ،
آبارُ ماءٍ وُسِّخَتْ وَسُمِّمَتْ،
ومليكَةُ الأشجارِ أيْضًا أُعْد
*****