كتب/خطاب معوض خطاب
ما هي إلا أيام وتهل علينا الذكرى 104 لثورة سنة 1919، واحتفاءا بها سوف نستعيد معا هنا بعض أحداثها وأبطالها، وفي العادة حينما يأتي ذكر ثورة 1919 تستدعي الذاكرة سعد زغلول باشا ورفاقه علي شعراوي باشا وعبد العزيز فهمى باشا وغيرهم من كبار أعضاء الوفد المصري، كما تستدعي الذاكره عبد الرحمن فهمي والنقراشي وأحمد ماهر وشقيقه علي ماهر وغيرهم من الذين كانوا من شباب هذه الثورة، واليوم أكتب عن واحد من المهمشين الذين يندر ذكرهم رغم أنهم أبطال هذه الثورة وهم الذين ضحوا بأرواحهم في سبيلها، والحقيقة التي يعرفها الجميع أن ثورة 1919 قد بدأها الطلبة المصريون احتجاجا على اعتقال سعد زغلول باشا ورفاقه في الوفد المصري الذي كان سيشارك في مؤتمر باريس للسلام، ومع هؤلاء الطلبة ثار العمال والفلاحون والموظفون والمهمشون.
فمن المهمشين الذين خرجوا في ثورة 1919 ابن القباقيبي ذلك الفتى الصغير الذي كان سنه 12 سنة وقت الثورة، وقد كتب عنه المؤرخ عبد الرحمن الرافعي في كتاب “ثورة 1919 تاريخ مصر القومي من سنة 1914 إلى سنة 1921″، والكاتب الكبير يحيى حقي في كتاب “صفحات من تاريخ مصر”، والأستاذ رجاء النقاش في كتاب “يحيى حقي .. الفنان والإنسان والمحنة”، وذلك الفتى الصغير اسمه محمد اسماعيل وكان يسكن في شارع الركيبة التابع لقسم الخليفة ودكان أبيه صانع القباقيب في نفس الشارع، والقباقيب كما نعرف كانت تصنع من الخشب والجلد وكان يستخدمها الفقراء كحذاء بينما كان يستخدمها الأغنياء عند دخول الحمام.
وتبدأ الحكاية عندما تحول جامع الأزهر الشريف إلى ساحة من ساحات التظاهر أثناء ثورة 1919، وأرادت سلطات الإحتلال الإنجليزي أن تمنع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة المسجد، فقاموا بإغلاق الطرق الموصلة إليه لمنع المصريين من التظاهر بعدما فشلت سلطات الإحتلال في إقناع الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي شيخ الازهر بإغلاق الجامع، وعندها قرر المتظاهرون الذهاب إلى جامع أحمد بن طولون، وفي يوم 5 أبريل 1919 قام الأهالي بحفر الخنادق ووضع المتاريس في الطرق والشوارع المؤديه إلى جامع ابن طولون، خاصه شارع الصليبة الذي يصل بين القلعة وجامع أحمد بن طولون.
وهنا يبدأ دور الصبي الصغير محمد إسماعيل ابن القباقيبي الذي ما إن شاهد المتظاهرين في طريقهم إلى جامع أحمد بن طولون إلا وترك دكان والده وخرج مع المتظاهرين، وشارك بيديه معهم في إقامة المتاريس والسواتر الترابية أمام سبيل أم عباس، وبمجرد أن علمت سلطات الإحتلال الإنجليزي بأمر المظاهرة أمرت جنودها بفض المظاهرة، فأطلقوا الرصاص على المتظاهرين بطريثة عشوائية، فكان نصيب الصبي الصغير ابن القباقيبي رصاصة أصابته فأودت بحياته.
وفي اليوم التالي لاستشهاد الفتى الصغير قامت جموع كثيرة من المصريين بتشييع جثمانه، فقد تحرك موكب ضخم من جامع أحمد بن طولون إلى شارع الصليبة ومنه إلى مدافن الإمام الشافعي، وشارك في الجنازة جميع الطوائف من المصريين الوطنيين، قضاة ومستشارون ومحامون ومدرسون وموظفون وعمال وفلاحون ومهمشون، أما سلطات الإحتلال الإنجليزي فقد أصدرت بيانا قالت فيه: “إن جمهورا معاديا هجم صباح أمس على دورية في حي السيده زينب، فاضطرت الدورية إلى إطلاق النيران، وقد قتل لسوء الحظ ولد في العاشرة أو الثانية عشرة من عمره كان بين الجماهير”.
وبعد أن انتهت أحداث الثورة تولى سعد زغلول باشا ورفاقه في الوفد المصري وشباب الثورة المشهورين العديد من المناصب العليا في مصر، مثل رئاسة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الشيوخ، وكان أقلهم حظا الذين تولوا الوزارة، أما المهمشون الذين قاموا بالثورة وضحوا بأرواحهم من أجلها ومنهم ابن القباقيبي فقد نسيهم الناس وأهمل ذكرهم التاريخ رغم أنهم أبطال الثورة الحقيقيون.
أقرأ التالي
2025-04-24
لجنة للدراما بتوجيه رئاسي “80 باكو” والحياء
2025-04-23
مشيرة موسى تكتب ” ملهاش إعادة .. عيشها بسعادة “
2025-04-23
شمسيه لكل زائر اثناء زيارة الهرم
2025-04-23
الرئيس التنفيذي
2025-04-23
أسرى عين التمر
2025-04-22
خطوة جديدة نحو صيدلي أكثر وعيًا وتأثيرًا
2025-04-22
عقة بن أبي عقة
2025-04-22
جاب مناخيره الأرض..موروث ثقافي مصري قديم
2025-04-21
سلام على كبير السن وسلام على من يراعي كبير السن
2025-04-20
سرية بن أبي حدرد الأسلمي إلى الغابة
زر الذهاب إلى الأعلى