سياحه وآثارمقالات

أسرار دهاليز ومداخل الهرم الأكبر

متابعة نصر سلامة

يعتبر الهرم الأكبر الذي شيده الملك خوفو ثانى ملوك الاسرة الرابعة من الدولة القديمة (2589-2566 قبل الميلاد) واحدا من إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة والوحيدة التى مازالت قائمة حتى يومنا، ولا يكاد يمر وقت الا ويتصدر الهرم الأكبر اهتمامات العالم.

يقول عالم الآثار الدكتور منصور بريك ان الهرم الاكبر كان ارتفاعه ١٤٧متر حاليا ١٣٩متر والهرم يعتبر واحدا من ٩ عناصر تشكل المجموعة الهرمية لأى ملك وهي ( الميناء.. معبد الوادي.. القصر الملكي ..قرية العمال… الطريقةالصاعد.. المعبد الجنائزي .. الهرم الجانبي… حفرات المراكب… الهرم نفسه) ويكمن إعجاز الهرم الأكبر فى طريفة بنائه والتى وصلت الى حد الكمال فى الهندسة المعمارية وبدون التطرق الى تفاصيل معمارية تعتبر معروفه ومكتوبه فى جميع كتب التاريخ والآثار إلا أننا نقف أمام تصميم الغرف والممرات والدهاليز داخل الهرم الأكبر حيث تذكر الكتب أن الهرم الأكبر قد مر بعدة مراحل عند تشييده وأن المهندس حم أيون قد غير فى تصميم الهرم الأكبر ثلاثة مرات حتى وصل الهرم الى شكله النهائي حاليا .


ويقع المدخل الرئيسي فى الواجهة الشمالية على إرتفاع حوالى ١٧ متر من سطح الأرض ويبعد حوالي ٧ متر من خط منتصف الهرم الى الغرب ( ربما ان هذا البعد مرتبط بالكشف الأخير داخل الهرم) وتتفق اغلب المراجع العلمية أن التصميم الأول كان حفر ممر هابط طويل يؤدي إلى حجرة منحوتة فى الصخر الطبيعي غير مكتملة النحت وبعدها كانت المرحلة الثانية والتى منها تم إنشاء ممر صاعد يرتبط مع الممر الأول الهابط يؤدي إلى ممر افقى والذي بدوره يؤدي إلى الحجرة الثانية فى الهرم والتى يطلق عليها خطأ بحجرة دفن الملكة وبعدها تم عمل تعديل مرة أخرى فى التصميم وأنشأ مهندس الهرم المعجزة المعمارية داخل الهرم وهو الدهلبز العظيم Grand Gallery والذي يبلغ طوله ٤٧متر وفى نهايته ممر افقى قصير مصمم فيه عدة متاريس Porticullis وبعدها حجرة دفن الملك الرئيسية والتى تقع على إرتفاع حوالى ٧٢متر من سطح الأرض فى جسم الهرم والمبطنه بكتل من الجرانيت الأحمر المصقول جيدآ ويحمل سقفها ٩ بلاطات ضخمة من الجرانيت تزن حوالى ٤٠٠ طن وفى نهاية تلك الغرفة تابوت الملك خوفو.

وفوق هذه الحجرة خمسة حجرات قليلة الارتفاع الأخيرة منهم لها سقف جمالوني وهى ما يطلق عليها حجرات تخفيف الضغط. وقد ظهرت العديد من النظريات والاراء التى تحكى عن طريقة بناء الهرم الأكبر ومن اين تم جلب الاحجار تلك التى شيد بها الهرم.
يضيف بريك انه فى عام ١٩٨٦م كان مرافقا لبعثة ألمانية برئاسة الجيولوجي ديترش كليم وزوجته الاثرية روز ماري كليم وهما اصاحب كتاب المحاجر المصرية القديمة واستطاعا ان يحصلا على عينات من احجار الهرم الأكبر ومن عدة محاجر اخري فى ابورواش وطره والجيزة وبدراسة تلك العينات اتضح ان الهرم الأكبر بني باحجار أغلبها من هضبة الجيزة والبعض الاخر من منطقة ابورواش والكساء الخارجي بالطبع من محاجر طره وأثناء مشروع تطوير منطقة الهرم كشفنا عن بقايا المنحدرات التى كانت تستخدم فى بناء الهرم فى الجهة الجنوبية الغربية من الضلع الغربي للهرم حيث كانت المنطقة جنوب الطريق الصاعد للملك خفرع هى المحجر الرئيسي لبناء الهرم الأكبر الى جانب المنطقة شرق الهرم الأكبر .
ويمكن مشاهدة اثار عمال المحاجر والتى كشفنا عنها عند العمل فى مشروع مقابر الجبانة الشرقية فى المنطقة الواقعة الى الشرق اسفل استراحة الملك فاروق ومنها منحدر صاعد كبير كان يستخدم فى نقل الاحجار سواء القادمة من ابورواش او من تلك المنطقة.
ويوضح بريك انه لا يتفق مع نظرية ان الهرم قد مر بعدة مراحل عند انشائه وبسبب بسيط ان فلندرز بتري عند عمله فى الهرم فى القرن الثامن عشر قد اكتشف الى الشرق من الهرم ممرات محفورة فى الصخر تشبه تماما الممرات السفلية فى الهرم الأكبر وهو ما يطلق عليه Trial Passages او ممرات المحاكاة او التجربة وهى التى قام مهندس الهرم الأكبر بنحتها فى الصخر كمحاولة اولى لتشييد الهرم الأكبر والتأكد من مخططه وكيفية تنفيذه وبعد ذلك قام بتنفيذ مخطط بناء الهرم الأكبر الى الغرب من تلك الممرات.
ويتسأل بريك لماذا قام مهندس الهرم بعمل تلك الممرات والدهاليز والتى كانت فى النهاية سيتم غلقها نهائيا ولا يراها او يزورها أحد؟ والإجابة المؤكد انها مرتبطة بعقيدة وديانة المصري القديم وحياته فى العالم الاخر والبعث والخلود الى جانب انها استخدمت لدفن الملك بعد وفاته وبعدها اغلقت تمامآ والطريقة التى خرج منها العمال بعد غلق حجرة الدفن وغلق الممر الصاعد بكتل من الجرانيت كان عن طريق بئر رأسي يقع فى بداية الدهليز الكبير الى الجنوب ومن هذا البئر الى الممر الاول ومنه لخارج الهرم وبعدها تم غلق الممر الرئيسي وكانت روح الملك ترتبط مع الاله رع فى رحلته الصباحية والمسائية عن طريق ما يطلق علية خطأ فتحات التهوية والموجود فى حجرة الدفن.
ويضيف بريك ان التابوت الموجود فى حجرة الدفن الرئيسية اعرض من الممر المؤدي إليها وبالتالى تم وضع التابوت عن بناء الهرم من اعلى وقبل وضع سقف تلك الحجرة وقبل الدخول فى محاولات اكتشاف الهرم الأكبر هناك سؤال يطرح نفسه عن كيفية معرفة وجود خمسة حجرات لتخفيف الضغط اعلى حجرة الدفن الرئيسية؟ والاحتمال المؤكد انه بعد الإنتهاء من تشييد الهرم حدث شرخ( يمكن مشاهدة حاليا) فى احدي بلاطات سقف حجرة الدفن واعتقد مهندس الهرم ان الحجرات الخمسة قد انهارت فقام بنحت ممر فى اخر الدهليز العظيم من اعلى وقام بالدخول لاول حجرة للتأكد من سلامتها وهي الحجرة التى دخلها ناتايل دافيسون عام ١٧٦٥م ونسب اكتشفها لنقسه وبعده وفى عام ١٨٣٧م قام بيرنج وفيز بحفر ممر إلى الحجرات الأخري حتى وصلوا الى الغرفة الخامسة.


وعن اول محاولة أكتشاف وسرقة الهرم الأكبر يري دكتور بريك انها كانت فى عصر الانتقال الاول وبعد انهيار الدولة القديمة حيث قام بعض ممن شاركوا فى دفن الملك خوفو بحفر ممر فى الواجهة الشمالية اسفل غرب المدخل الرئيسي والذي يطلق عليه خطأ مدخل الخليفة المأمون حيث كان الممر الرئيسي مغلق بكتل ضخمة من حجر الجرانيت مازالت موجودة حتى الان وبعدها وصلوا الى الممر الصاعد وكان من السهل جذب الاحجار التى كانت تغلقه من خلال الممر الذي حفروه حتى قاموا بنهب حجرة الدفن وبعدها اختفي هذا الممر اسفل الرديم و الدليل ان هيرودوت الذي زار مصر فى القرن الخامس قبل الميلاد لم يذكرها ولكن سترابوا فى عام ٢٥ قبل الميلاد ذكرها وقال ان هناك مدخل يقع وراء حجر فى الواجهة الشمالية وفى القرن التاسع الميلادي وفى زمن الخليفة العباسي المأمون كانت محاولة استكشاف الهرم الأكبر الاولى والبحث عن الكنوز داخله حيث قام العمال بتوسع ذلك الممر القديم وكانوا يستخدمون طريقة تسخين الاحجار وسكب الخل عليها حتى تتفتت ويقال انهم أمضوا وقتا ومجهود كبير حتى دخلوا الى داخل الهرم ولم يعثروا عل اية كنوز داخله ويقال ان المشرفين على هذا العمل قاموا بوضع بعض من القطع الذهبية وحتى يوهموا العمال انهم عثروا على ذهب خوفا من ثورتهم وغضبهم.
وكانت محاولة الخليفة المأمون تلك هى المحاولة الاولى لاكتشاف الهرم الأكبر للملك خوفو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى