حوداث القتل وسفك الدماء التي نراها ونسمع عنها ليل نهار فى كل بلد وفي كل عصر ليست وليدة زماننا ولكنها ظهرت منذ زمن بعيد، وقد نتعجب من حدوث بعض الجرائم ونطلق عليها عبارات التعجب بينما لو تأملنا قصص وحكايات مصر القديمة سنري مثلها وان كانت بشكل اقل نظرا لعددهم. اقدم جريمة عند المصري القديم كانت جريمة قتل تحكي عنها قصة تؤكد وجود عنصري الخير الشر، تماما مثل وجود النور والظلام، فلا تستمر صفة واحدة بل يتصارع الخير مع الشر لينتصر الخير في نهاية المطاف. ترجع أقدم جريمة قتل في مصر القديمة الي قصة ايزيس واوزيريس باعتبارهما بطلي القصة التي تحكي عن عائلة من اربعة افراد هم: أوزوريس، وأخاه ست، وزوجته أيزيس، وابنه حورس. كان أوزوريس ملكاً عادلاً يحكم مصر، وكان شعبه يحبه كثيراً؛ لأنه كان محباً للخير، ولأنه علم شعبه الزراعة وحب الخير، ونشر العدل والعيش الكريم في فترة حكمه، وكان مقره في الوجه البحري، الأمر الذي أثار غيرة أخاه ست، وزرع حقداً في قلبه، وأشعل رغبة التخلص منه بأي طريقة ليترأس الحكم مكانه، لذا فكر بمؤامرة لقتل أخيه وأخذ عرش حكم مصر.
جهز ست تابوتاً ذهبياً مرصعاً بالألماس على مقاس أوزوريس تماماً، وجهز وليمةً كبيرة دعا فيها أشخاص كثر، وأوهمهم أنه جهز هذا التابوت ليهديه لأي شخصٍ يناسب مقاسه، فجرب الجميع التابوت بالتناوب حتى جاء دور أوزوريس، فنام في التابوت الذي صنع خصيصاً له، وأغلق ست التابوت بمساعدة أعوانه، وربطه، ورماه في نهر النيل، فمات أوزوريس غرقاً، وتولى ست الحكم. لم ترضَ زوجة أوزوريس أيزيس بمصير زوجها، ولم تقف مكتوفة الأيدي لتترك زوجها يغرق، بل بحثت عن التابوت الذهبي حتى عثرت عليه في جبل بيبلوس، ولكن ست وجد جثة زوجها قبلها، وقطعها إلى أربع عشرة قطعةً، وفي بعض الروايات ست عشرة قطعة، وفرق القطع، ووضع كل قطعة في مكان حتى لا تتمكن أيزيس من إيجادها، ولكنها تمكنت من تجميع كل قطع وأشلاء زوجها، واستعانت بالسحر من إعادة الروح إلى زوجها لفترة وجيزة، وحملت منه بابنها حورس بالاستعانة بالسحر كذلك، ولكن كان من الصعب على أوزوريس أن يعيش كحياته السابقة، لذا عاش كملك على ممكلة الأموات. اختبأت أيزيس في أحراش الدلتا وبقيت بعيدة عن الأعين حتى انتهت فترة حملها ووضعت ابنها حورس، وربته بالسر مستعينة بالآلهة حتى كبر وأصبح رجلاً قوياً، وعادت بعدها إلى الوادي عند ست حتى تطالب بإعادة عرش أوزوريس الذي أصبح من حق ابنه حورس الشرعي، وحصلت العديد من المعارك بين حورس وست بسبب العرش، وانتهت بانتصار حورس.
حورس
وتنتهي القصة بمحاكمة الآلهة لست، وأدانته على أفعاله الدنيئة، ومنح عرش الحكم للوريث الشرعي حورس، بينما أصبح ست حاكماً على الصحراء، وبقي أوزوريس حاكماً في مملكة الموتى لرفضه العودة إلى الأرض بسبب انتشار الشر فيه.
